د. يوسف رزقة

وقف الحجيج اليوم التاسع من ذي الحجة على جبل عرفات. الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج، ومن لم يقف بعرفة لا حج له، وعليه الإعادة كما يقول العلماء. للحج رسالة، بل له رسائل عديدة، ومن يتأملها يجد بغيته لا محالة.

 الحجيج في عرفة يلبون بنداء واحد، وينفرون من عرفات جميعا في وقت واحد، ويرجمون إبليس بحجرات معدودات، ويتحللون من الإحرام في يوم واحد، أيّ هم في عبادة جماعية كما هم في عبادة فردية.

المسلمون اليوم  يفتقرون إلى روح الجماعة في العبادات أحيانا، وفي المعاملات كثيرا، لا سيما في مواجهة الاستعمار، وفي مقاومة الاستبداد. طبعا ليس للفرد قدرة على مواجهة الاستعمار أو مقاومة الاستبداد وحيدا. هذه الأقضية الكبيرة تحتاج للأمة، وللعمل الجماعي، وقد تمكن المستعمر الغربي من تمزيق الأمة، وتفريق جماعتها، ومن ثمة استفرد بكل قطر على حدى، ولم تعد بلاد العرب والإسلام تجتمع معا إلا في الحج وفي عبادات أخرى، بينما هم في سائر أقضية الحياة والحرية والسيادة والعزة  متفرقون وقطريون للأسف.

 رسالة فلسطين في الحج هي دعوة المسلمين للاجتماع معا في مواجهة أقضية الحياة كما يجتمعون معا في الحج. لا يجوز لكم وقد منّ الله عليكم بالحج أن تتركوا رسالة الوحدة والاجتماع.

فلسطين المحتلة تحتاجكم جميعا، وأنتم لو اجتمعتكم قادرون على تحريرها، وإنقاذ أقصاكم من الاحتلال والتدنيس. فلسطين تقول لكم أعيدوا مفهوم الأمة للوجود.

الحج فريضة ورسالة، فمن أتمّ الحج يجدر به أن يحمل رسالة الحج، ولا يغادرها حتى يرى القدس محررة. 

إن الحج إلى بيت الله الحرام يكتمل بزيارة المسجد الأقصى، ولكن الأقصى محتل والزيارة غير ممكنة، فماذا أنتم فاعلون؟!.

 الأقصى للفلسطينيين ولكل الحجيج، ولكل الأمم المسلمة، ولا عزة للمسلمين البتة والأقصى تحت الاحتلال. في كل عام نتحدث في هذه المعاني، وقد طال زمن الاحتلال، فهل لنا في حج هذا العام ما يحقق الآمال؟ .

إننا على يقين أن الله لن يخذل المؤمنين به، وهم إن شاء الله لن يتركوا الجماعة والأقصى بعد أن ذاقوا لذة الحج الأكبر.

د. يوسف رزقة

من د. يوسف رزقة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة ووزير الإعلام السابق