عادل الشريف

تبين بشكل كبير في الثلاثين سنة الأخيرة حالة التبجح السافرة التي وصل إليها العلماني العربي،

وعلى العكس تماما  وجدنا رواد ومفكري ومنتمي الفكرة الإسلامية،

 ولكي لا يعترض أحد على لفظة الفكرة الإسلامية فأنا أقصد بها أساس الحياة الإسلامية والحراك الإسلامي،

فالفكرة دائما وأبدا هي مقدمة الفعل والحركة..

نعم فعندما نجح المحتل الغربي في الوصول إلى منصات التوجيه والقيادة بذاته أو بوكلائه أحدث ذلك نوع من الاغتراب الحاد للفكرة الإسلامية،

ورغم المقاومة المادية والمعنوية إلا أن ملخص حالة المقاومين هو قبوع الحلق المقاوم مُرا،

وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة التي تبجحت فيها الأنظمة العربية في حماية قوافل العلمانية ودهاقنتها والترويج والإفساح لهم

بل وتقديرهم وإعلاء شأنهم،

بينما عانت قوافل الفكر الإسلامي من الاتهام والتضييق والمحاصرة بل التصعيد إلى السجن والتغريب والقتل وصاحب الظلال آية شهيرة في هذا الصدد.

ومن خلال خبرتي الحياتية ومخالطتي للحياة الغربية أدركت أن العلماني أو الليبرالي الغربي أوسع صدرا وأهدأ قلبا بشكل كبير من نظيره العربي،

ولاغرو فلقد سُئل مؤسس فكرة الليبرالية، الإنجليزي جون لوك عن مدى قبوله للتوراة لتسهم في مضامير التشريعات في الواقع الغربي العلماني الجديد

فقال ما ملخصه أنه ليست لديه مشكلة إن كانت تشريعات التوراة قادرة وحدها او بمشاركة القوانين الوضعية الأخرى على تحقيق العدل والخير والسلام لأهل هذه المجتمعات،

بينما يحترق صدر واحد من علماني بلادنا لإنه وجد صيدليا يقرأ القرآن في وقت فراغ من زبائن الصيدلية،

ولو كان الشاب يطالع مجلة جنسية داعرة فإن صاحبنا لم يكن ليحرك ساكنا منكرا، بل ربما وجدته مؤيدا.

فهل نستطيع أن نقول أن ثمة سباق محموم بين فريقين من المثقفين العرب، وأن راية الثقافة العربية حائرة بينهما،

فربما يجيب الدكتور أسامة لبن الذي أراد أن يصحح ويصوب للكُتّاب والمذيعين في الحقل العلماني فما وجد متابعين متحمسين فعزم التوقف لولا بعض رسائل المُحمسين،

لكنها أزمة حقيقية لأن أوغاد العلمانية يجدون حولهم آلاف المتابعين والمروجين لحقارتهم وهزالهم..

لقد كتب الصديق صيد الخاطر  منذ بضعة أيام مقالا متميزا راصدا لبؤرة انطلاق طه حسين نحو الساحة العلمانية

فما كانت قاعدة انطلاقه إلا الدخائل النفسية الحاقدة

والتي وجدت أن المخالفة الزاعقة والمتهمة مجادليها بالجهل هي التي حققت له أنصبة شهرة لم يكن يحلم بها،

ومثله معظم أقرانه وتلامذته،

وعند هذا الحد فأنا شخصيا لا أجدا العلمانيين أحد تنويعات المثقفين العرب

بل أجدهم مرضى نفسيين تدكنت نفوسهم بسواد الحقد على فكرة الإسلام أولا وعلى المقاومة الوطنية للتغريب والاحتلال والغزو الفكري ثانيا،

وبحسب أقيسة القرآن والسنة وشريعتهما فلا أجد علماني المجتمعات العربية والإسلامية إلا محض منافقين تحديدا لا تجديدا،

وهذا هو قفص اتهامهم الذي سيحاكمون هم والطبقات السياسية التي مكنت لهم

وعادت المخلصين من غيرهم إذا قدّر الله بغير الحالة الراهنة وسيقدّر بالتأكيد طبعا فهذه سنته.