عبد المنعم إسماعيل

فرض الشيطان الصهيوصليبي فكرة حشد الجماهير لمواجهة المخالفين.. يأتي في إطار استنساخ ملوك الطوائف في بلاد العرب والمسلمين، فكما سقطت الأندلس تسقط كل الدول المتابعة في نفس الطريق

إن الأمة الإسلامية على مدار ١٤٠٠ عام كانت تتكون من دين أقام أمة على جغرافيا مترامية الأطراف وكانت الأمة تتكون من حاكم وعلماء وجنود وبقية المسلمين الذين يمثلون القاعدة والنواة الصلبة في الأمة العربية والإسلامية بشكل عام.

مراحل التاريخ الإسلامي:

جاء في السنة النبوية الصحيحة أنها خمس وهي النبوة والخلافة والملك العضود والملك الجبري والخلافة الراشدة التي وعدنا الله بها بعد مرحلة الحكم الجبري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ -تعالى-، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ -تعالى-، ثم تكونُ مُلْكًا عاضًّا، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ -تعالى-، ثم تكونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ -تعالى-، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ.

ثم سكت.

رواه ابن ماجه في سننه وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

واقع الأمة بين هذه المراحل:

عموم الأمة تتعبد بالمرحلة النبوية والخلافة الراشدة وهما مرحلتان جميع ما فيها يصلح لأن يكون دليلا لأنهما يجمعان بين السنة النبوية الصحيحة والصحابة رضي الله عنهم أجمعين الذين رفع ذكرهم الله عز وجل .

في هاتين المرحلتين بعض نقاط التنوع المحمود بين الصحابة رضوان الله عليهم فلا مشاحة في انصراف الأمة إلى كلتا الرؤيتين ما لم يكن هناك دليلا قطعي الدلالة في الأمر موروث عن السنة المحمدية الصحيحة.

يجب أن نفهم أن انصراف الأمة إلى كلتا الرؤيتين اللتين يقول بهما جمع الصحابة رضي الله عنهم بتنوعهم ليس معناه عدم المفاضلة بل المراد قبول التنوع مع فهم الأفضلية بين الخير والأخير حسب واقع المقتدى به من صحابة رسول الله ﷺففعل الصديق والفاروق  وبقية العشرة المبشرون بالجنة يقدم على غيرهم ولا ينازعهم إلا أمهات المؤمنين فيما يخص حياة النبي بين أمهات المؤمنين لأنهن اعلم الناس بدقائق الأمور خاصة إذا انفردوا في الرواية دون غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

واقع الأمة وبقية مراحل القدر:

(الملك العضوض- الجبري – الخلافة القادمة)

انتقل الأمر من الخلافة الراشدة إلى الملك الأموي المبارك الذي كان فتحا للإسلام عن طريق مبايعة الحسن بن علي رضي الله عنه وعن أبيه وصلى الله على جده ﷺإلى  معاوية رضي الله عنه.

تحقق من هذه البيعة الإظهار الرباني لحديث النبي حين قال بشره بأنه يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين وهذه شهادة بالإسلام وتزكية لعموم بني أمية رضي الله عن الصحابة منهم ورحم الله عمومهم ولسنا ممن يحرص على تتبع زلاتهم فطبيعة المرحلة القدرية لها آثار على عموم الرعية تظهر ليتجلى فضل الله بالعفو والستر على عباده.

إن محاولات البعض نحو السعي بالتنقيب بين مراحل تنوع الصحابة رضي الله عنهم أو تنازع الأمة حال المرحلة الأموية لها عدة دلالات:

– الاهتداء والاقتداء والاعتبار والتيسير وجمع الهمة نحو الاجتهاد الموازي لإحدى الرؤى.

– صحبة الهوى في لمز كلا الطرفين أو زعم حصرية الحق بطريقة محدثة ليست من هدي الجيل الراشد ثم محاولة استدعاء جماهير المسلمين نحو السقوط في جب وكارثة الغلو في رؤية محدثة ظنها المصاب بالهوى والهوس أنها دين لمجرد توهمه صناعة خلاف غير موجود أو ادعاء إجماع غير مقبول نتيجة ولاءات محدثة تعتقد ثم تبحث عن دليل .

موقع جماهير الأمة الإسلامية عبر التاريخ

خاصة حول نقاط النزاع بين الحكام أين هم؟

في بداية النزاع مع ولاة بني أمية رحمهم الله خاصة في حكم الحجاج بن يوسف الثقفي،

نسأل أين الجماهير المسلمة من بطش الحجاج بن يوسف ذاك الجندي المخلص لبني أمية

والذي استعمله الله في منع الفتن وجمع كلمة المسلمين

وهذا ليس إقرارا منا وقبولا لحالات الدماء الحرام التي سفكت بل توصيفا لعموم مرحلة مرت وعند الله اللقاء الفصل الحكم العدل.

لم تشهد الأمة خلال قرون من الزمان حالات لحشد الجماهير ضد رؤية خاصة لحاكم أو أمير

وهذا سعيد ابن جبير، رضي الله عنه، الشهيد المظلوم، لا تجد الأمة في تراثه محاولات جمع الناس نحو هدف مواجهة البغي أو الظلم كما هو مصطلح في واقعنا المعاصر فكانت الأمة.

الحكام والعلماء وعموم الجماهير:

الحاكم عبد من عباد الله استرعاه الله رعية

يجب أن يقيم دين الله فيهم فإذا انحرف وجب على العلماء النصيحة بجميع الوسائل

التي تصون الأمة من السقوط في تيه النزاع لأنه لا يخدم الدين ولا الأمة بل يخدم الأعداء.

عموم الجماهير الذين يستقرون مع تيار الأمة الجامع بعيدا عن نقطة الصراع مع الحاكم مع هجر المعصية

حتى لا تتفتت الأمة وتسقط في عمومها وهذه أخطر إشكاليات العصر الأندلسي حال ميلاد فكرة الدويلات الطائفية

حين نجح ملوك الطوائف استقطاب جماهير خلف رؤيتهم الخاصة حينها انهدم البيت الأندلسي على رأس من فيه وضاعت الديار وعادت لعبادة الصليب .

الغرب الصليبي و استنساخ الهلاك

جاء الشيطان الصهيوصليبي بفكرة الحشد المتوالي للجماهير لمواجهة إخوانهم المخالفين لاستنساخ ملوك الطوائف في بلاد العرب والمسلمين

فكما هلكت الأندلس تهلك كل الدول المتابعة في نفس الطريق خاصة حال وجود النظم الفاشية الديكتاتورية القائمة

والواقع يشهد أن ذهاب الريح لأي دولة لن يعود بها إلى زمن التمكين والاستقرار وحفظ الأعراض والدماء أبدا

ومن هنا تكونت الرؤية الربانية للمنهج السلفي الرشيد الساعي لحفظ بيضة الأمة

وعدم سقوط الجماهير في تيه الصراع مع الأنظمة الحاكمة مع الحرص على الدعوة والإصلاح

وتحقيق مصالح العباد والبلاد فلا قداسة لعالم ولا همجية لمحكوم.

من عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية