الرأي العام يتشكل من تداول فكرة من قبل من نسميهم الجماعات المؤثرة أو قادة الرأي شريطة أن يكون هناك استعدادا لقبول الفكرة عند الجمهور بمعنى أنها لا تخالف ما نشأوا عليه من ثقافة وأن هذه القضية تقع في دائرة اهتمامهم بصورة أو بأخرى وكلما كانت الفكرة المطروحة جديدة ولم يسبق التعرض لها من قبل كلما كان ذلك أيسر على جماعة المؤثرين في تشكيل الرأي العام
أما لو كان الرأي المطلوب ترويجه مخالفا لما استقر في أذهان الناس كلما كان ذلك أصعب محاولة للتغيير.
ولقد استفادت فكرة الرأي العام بشكل كبير من الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي بإدراج قادة رأي جدد ومتفاعلين على مستوى منتشر وكبير ومتنوع مع سرعة تداول الأخبار من متابعين كثيرين وإن كان لتلك التجربة إشكالية كبرى في شيوع أخبار غير صحيحة وعدم التدقيق في النقول ولا تمحيص المعلومات وأقوال.
والإعلام الجديد والإلكتروني يذكر له أنه خفف من سيطرة الحكومات والجهات المتنفذة على تشكيل قضايا الرأي العام وأيضا زاد من همومها وحذرها تجاه هذا الانتشار ولذا يتم تشكيل جبهات أخرى حكومية موازية لمواجهة نفس فكرة الإعلام الشعبي في التواصل والإعلام الجديد لخلق توازن بينها وبين الجبهات الإلكترونية الشعبية والشخصية النامية في هذا المجال وهذا موضوع بحث مستقل في هذه القضية.
إذن الرأي العام: فكرة أو قضية أو مشروع (أو حتى شبهة ) + يتبناها قادة رأي + تداول الفكرة بكل السبل المتاحة + استمرار التداول مع الفئة المستهدفة لفترة معقولة + دخول داعمين جدد من المتفاعلين والمتبنين للفكرة من النشطاء فيزداد الانتشار لها + الرد على الشبهات والأفكار المضادة = تشكل قضية رأي عام، وتحتاج تلك القضية لتفاعل على الأرض وحراك لتؤتي ثمارها ويستفاد منها.
فعندما تحدث حادثة مثل الاعتداء على أسرة مسالمة أو سرقة شخص فقير أو اكتشاف انحراف شخصية مشهورة ويتم تداول الموضوع بحيث يشتهر شهرة كبيرة بين الناس ويتولى قادة الرأي (سياسيون ومفكرون وأكاديميون ودعاة مثلا) تداوله من جوانبه المختلفة وفي وسائل اتصال مناسبة؛ فإنها تصبح قضية رأي عام وهذا بالطبع ينطبق أكثر على القضايا التي تلقى اهتماما أكبر يفرضه أهمية الموضوع كالانتخابات والامتحانات الطلابية ونظم الدراسة والقبول في الجامعات والأجور للعمالة والموظفين وارتفاع أسعار السلع أو بعضها أو الصراعات الدولية والمحلية وما تفضي إليه ..
فالرأي العام هو محصلة الرأي الذي تكون للمجتمع من عدة آراء مطروحة وقد تكون تلك الآراء متوافقة أو متفرقة متصارعة.. لكن تم حسم المسألة لصالح أحد هذه الآراء، ونظرا لأن الرأي العام هو نتاج جمعي فهو يمثل الجماعة كلها عندما تكون معبأة للعمل فيما يتصل بالموضوع أو المشكلة. أي أن الرأي العام يتجه دائما نحو اتخاذ قرار وهذا القرار ليس بالضرورة أن يتسم بالإجماع عليه.
ونخلص مما سبق أن على من يخططون لتشكيل الرأي العام وصناعته مراعاة:
الاجتماع على الدعوة للفكرة من قبل المؤثرين بالمكان إن كانت القضية ذات متغيرات يمكن استيعابها لديهم، أو يتم التخطيط من قبل خبراء بمضامير متنوعة مثل: الاجتماع والثقافة والدعاية وغيرهم إن كان الموضوع كبيرا ويحتاج لجهود متنوعة.
يكون هناك قبول عام وعدم ممانعة لدى الجمهور (في أكثرهم أو المؤثرين منهم) لقبول تلك الفكرة مع استخدام المؤثرات على الجمهور من الاستمالات العاطفية والإقناع العقلي والتخويف من النتائج السلبية – ويحتاج الأمر لجهود أكبر ولشخصيات ذات مصداقية عالية إن كان ما يريد تغييره مخالف لطبائع معتادة في المجتمع.
ج- ويكون الموضوع يتميز بالأهمية في ذاته ويتم عرض الحقائق دون تهوين ولا تهويل وفي نفس الوقت الرد على الشبهات.
د- يشتهر الأمر ويتم تداوله ويحدث نقاش حوله بين أطراف المجتمع (محليا كان أو وطنيا أو فئويا) ويكون ذلك بتكراره بأوجه مختلفة ومتنوعة من سبل التعرض للرسائل.
- فرنسا مستعدة لطي صفحة فرنجية.. ولكن - يونيو 24, 2023
- الرئيس أردوغان وكلمة عن خطاب الكراهية والغطرسة والنفاق - يونيو 21, 2023
- د. ياسر عبد التواب يكتب: ما لا يتم الواجب إلا به.. في الدعوة والإعلام - يونيو 21, 2023