بقلم: د. ياسر عبد التواب

في كلمته في اليوم العالمي للاجئين ووفق ما ورد في موقع رئاسة الجمهورية التركية 

يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان:

يضطر الناس في أجزاء مختلفة من العالم، لاسيما في المنطقة الجغرافية التي يقع فيها بلدنا، إلى الهجرة من بلادهم لأسباب مثل الإرهاب والصراعات والحروب الأهلية والجوع والفقر. لقد وصل عدد النازحين من مناطقهم حتى يومنا هذا إلى 110 ملايين تقريبا. وفي الوقت الذي يواصل فيه 35.3 ملايين منهم حياتهم كلاجئين خارج بلدانهم الأصلية، اضطر 62.5 ملايين منهم إلى النزوح داخل بلدانهم.

إن موقفنا من قضية الهجرة غير النظامية واللاجئين التي أصبحت تشكل تحديا عالميا، هو حماية حياة الإنسان وكرامته إلى جانب أمن بلدنا. إن أمتنا التي وقفت إلى جانب الهاربين من الظلم والاضطهاد منذ قرون طويلة دون أي تمييز بينهم، أظهرت نفس الموقف الصادق مرة أخرى في جميع مواجهة الأزمات في منطقتنا، بدءا من سوريا ووصولا إلى أوكرانيا. كما أن تركيا التي تؤدي دائما واجبها الإنساني وواجب حسن الجوار، تدعم العودة الآمنة والطوعية والمشرفة لطالبي اللجوء إلى وطنهم، وتعمل على تنفيذ المشاريع اللازمة لذلك.

نحن نرفض خطاب الكراهية وأيديولوجية النازيين الجدد وكراهية الإسلام ومعاداة الأجانب التي انتشرت ضد اللاجئين مثل اللبلاب السام في مجتمعات أخرى بعد أن ترسخت في الدول الغربية. كما أننا نرى هذه التيارات المريضة التي لا تعتبر أي شخص آخر غير عرقهم وثقافتهم ومعتقداتهم كإنسان، تهديدا للقيم الإنسانية والمستقبل المشترك للبشرية.

إن العقلية المتغطرسة التي تعود جذورها إلى الاستعمار، لها تأثير كبير على تحوّل البحر الأبيض المتوسط الذي كان مهد الحضارات عبر التاريخ، إلى مقبرة ضخمة للاجئين في السنوات الأخيرة. وآخر مثال يبعث على الخزي والعار على ذلك هي المأساة الإنسانية التي وقعت الأسبوع الماضي في بحر إيجه وراح ضحيتها مئات الأبرياء، معظمهم من الأطفال.

يجب على المجتمع الدولي لاسيما البلدان التي تعمل على تلقين الدروس في حقوق الإنسان للجميع بخلافها، وتتشدق بالديمقراطية، أن تتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها. يمكن حل قضية اللاجئين من خلال القضاء على الظروف التي تسبب الهجرة والتهجير القسري في مصدرها. إن نجاح وتنفيذ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي تم اعتماده في ديسمبر 2018 بمساهمة فعالة من تركيا، مهم للغاية في هذا الصدد. نحن ندعو جميع الأطراف ذات الصلة إلى بذل المزيد من الجهد لتنفيذ الميثاق والوفاء بالالتزامات

ومع هذه التحديدات والرغبات، آمل أن يساهم اليوم العالمي للاجئين في زيادة الوعي العالمي، ومنع المآسي الجديدة وحل مشاكل جميع اللاجئين الذين يكافحون من أجل البقاء في أجزاء مختلفة من العالم.

ونقول:

استطاع الرئيس التركي في كلمته تلك أن يضع يده على مواطن الضعف في الأحوال العالمية في قضية المهاجرين وما يواجهونه وأشار إلى عددهم الضصخم الذي بلغ 126 مليونا من البشر موزعين في بؤر شتى فليس الأمر بالهزل إذن

وفي كلمته هنا  أشار إلى نقاط عدة:

– فمثلا أشار إلى أن المجتمع التركي وعقلاء البشر يرفض خطاب الكراهية فقال : (نحن نرفض خطاب الكراهية وأيديولوجية النازيين الجدد وكراهية الإسلام ومعاداة الأجانب التي انتشرت ضد اللاجئين )

كراهية من الداخل والخارج

وهو بهذا ينتقد المعارضة التركية التي أججت بخطابها الأجواء أثناء الانتخابات في بلاده وكان خطابها يثير الكراهة ويسيء إلى قيم الدولة وهو ما أسقطه الشعب حين اختار خطاب الاعتدال وحين وضع موضوع المهاجرين في موضعه الصحيح أخلاقيا وقانونيا

– وفي نفس الوقت يستعرض  كافة الممارسات التي تمارس في دول كثيرة ضد المهاجرين بل ونضيف أيضا ضد الأقليات داخل بعض البلدان ولا سيما الأقليات المسلمة

ونظرة إلى ميانمار  وتركستان الشرقية أو الهند وما يمارس فيها ضد المسلمين  وكشمير  واحتلالها وإيذاء أهلها وحتى إيران واضطهادها للمسلمين السنة فيها

– كل هذه الدول يتم فيها نشر خطاب كراهية يفضي إلى تأثر الغوغاء به ومن ثم يقومون بكل الممارسات التابعة من اضطهاد وإيذاء بدني ونفسي

– والمشكلة عالمية – كما أشار – فرأيناها في فرنسا التي تسعى لفرض قيمها على المهاجرين ولا سيما المسلمين تحت دعاوى الثقافة المجتمعية فيريدون إقصاء الخصوصية الدينية والثقافية للمجتمع المسلم هناك بل حتى تصريح وزير الداخلية بأنهم يعادون أهل السنة بشكل خاص وترحيل الأئمة من الغرب وإيطاليا وبما يحوي هذا من تربيطات وتفاهمات مع أصحاب المذاهب الأخرى المنحرفة غالبا كنوع من التشارك الأعمى  في الاضطهاد الممارس ضد أهل السنة

– ونرى ممارسات العنصرية والكراهية  كذلك في ممارسات تمت وتتم عبر العالم في نيوزيلانا وفي أمريكا

– وحاليا يحيون العداء بين الصرب والبوسنويين وفي بلاد كثيرة

-وآخرها ما تم من تعمد إغراق المهاجرين في بحر إيجة من قبل خفر السواحل اليوناني كما أشار

عقليات متغطرسة

ثم أشار إلى العقليات التي تتبنى تلك الأفكار فقال:

(إن العقلية المتغطرسة التي تعود جذورها إلى الاستعمار، لها تأثير كبير على تحوّل البحر الأبيض المتوسط الذي كان مهد الحضارات عبر التاريخ، إلى مقبرة ضخمة للاجئين في السنوات الأخيرة. وآخر مثال يبعث على الخزي والعار على ذلك هي المأساة الإنسانية التي وقعت الأسبوع الماضي في بحر إيجه وراح ضحيتها مئات الأبرياء، معظمهم من الأطفال.)

– نعم هي عقليات آثمة منغلقة متغطرسة فغالب تلك الممارسات تبد من إعلاء شأن العرق والجنسيات على غيرها من الأعراق ويرون خلق الله تعالى الذين ساوى بينهم وكأنهم من طينة أخرى أدنى حالا بل رأينا أحمق منهم يقول أن الجنس الفلاني متدني مثل الحيونات ويكذب فيقول هيكلهم الدماغي مختلف !

– فيبرر عنصريته بدعاوى كاذبة يتمسح فيها بالعلم ويكذب على العلم أيضا بهذه الادعاءات فهي عقليات متغطرسة فعلا

– وليت الأمر وقف عند حدود تصورات غير سوية أو واهمة قد تظل حبيسة النفوس المريضة بل تعدى الأمر إلى الأفعال والمشكلات التي أدت إلى وجود المهاجرين و المضطهدين  أو المهجرين كسبب كبير من أسباب تهجيرهم بخلاف الحروب وما يشبه وجزء منها كذلك بسبب الاضطهادات العرقية

بلدان منافقة وتواطؤ مكشوف

ثم يردف الرئيس أردوغان:

(يجب على المجتمع الدولي لاسيما البلدان التي تعمل على تلقين الدروس في حقوق الإنسان للجميع بخلافها، وتتشدق بالديمقراطية، أن تتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها. يمكن حل قضية اللاجئين من خلال القضاء على الظروف التي تسبب الهجرة والتهجير القسري في مصدرها.)

وهو هنا يشير إلى نفاق الدول التي تغري العنصريين لجني المكاسب أو تجنب بعض السيناريوهات ( عنصرية يمنعون بها المهاجرين من الوصول إلى بلدانهم على سبيل المثال بإثارة النعرات لدى الشعوب أو الجنود )

– بينما يقفون من الخلف يؤججون الصراعات لمصالح محدودة ووقتية وبراجماتية وحتى هنا نجد دعمهم للأنظمة المتسلطة في دول شتى هي من الجرائم القائمة التي يمارسونها بنفاق تام ضد الشعوب

– ثم يكتفون ببعض بيانات الشجب والإدانة لتلك الأفعال التي حرضوا عليها والمجازر التي خططوا لها 

– بل ربما حتى هذه الإدانات لا يفعلونها ومثال ذلك ممارسات الصهاينة ضد أهلنا في فلسطين يتغاضون عنها تماما وبامناسبة فقائمة قرارات الأمم المتحدة ضد الكيان بلغت 40 قرارا وأغلبها لم ينفذ

وعلى سبيل المثال:

قرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1948 وتكمن أهمية القرار أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم هي حق لهم، وأن عودتهم تتوقف على اختيارهم الحر هم وحدهم.

قرار رقم 237 الصادر في عام 1967 بتاريخ 14 يونيو وفيه يدعو مجلس الأمن إسرائيل إلى احترام حقوق الإنسان في المناطق التي تأثرت بصراع الشرق الأوسط 1967 حيث يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة إلى رفع المزيد من الآلام عن السكان المدنيين وأسرى الحرب في منطقة النزاع في الشرق الأوسط.

قرار رقم 242 والصادر في سنة 1967 كنتيجة لاحتلال إسرائيل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وغزة وسيناء حيث ورد فيه ضرورة انسحاب القوات المحتلة من الأراضي التي احتلت في النواع الأخير (حرب 1967).

قرار رقم 248 الصادر في عام 1968 بتاريخ 24 مارس والذي يدين فيه الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع النطاق والمتعمد ضد الأردن والذي نتج عنه معركة الكرامة.

قرار رقم 2334 لعام 2016 بتاريخ 23 ديسمبر الذي حث على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية

.فهل تم أيا من ذلك؟

للنجاح يجب تنفيذ الميثاق فكيف بمن يتعمد مخالفته

ويختم الرئيس التركي كلمته بقوله :

(إن نجاح وتنفيذ الميثاق العالمي بشأن اللاجئين الذي تم اعتماده في ديسمبر 2018 بمساهمة فعالة من تركيا، مهم للغاية في هذا الصدد. نحن ندعو جميع الأطراف ذات الصلة إلى بذل المزيد من الجهد لتنفيذ الميثاق والوفاء بالالتزامات)

ونقول : غلبت لهجته الدبلوماسية في هذا المقطع فخاطب المذنبين بخطاب الأبرياء وهذا ليس موضعه من وجهة نظرنا

– وفي النهاية هو لا يستطيع أكثر من هذا وإلا أعلن الحرب على النظام العالمي كله

والذي يتولى بعضه وضع القوانين ويتولى ساسته اختراقها بكل صلف وعجرفة

– فإن الأمر لم يسلم منه حتى من في مناصب دولية كأمين عام الأمم المتحدة ونذكر هنا بدفع بطرس غالي – الأمين السادس للمنظمة – للاستقالة بعد نشره لتقرير يدين الصهاينة في حرب لبنان وهو ما أغضب أميركا 

– بل حتى في وجود المنظمات الدولية تم تمرير مذابح كبيرة  وكان الفشل في حل مشكلات كبيرة لا سيما التي تورطت فيها دول كبرى ( أمريكا في الصومال والعراق وليبيا والسودان وسوريا مثلا – مجازر راوندا- البوسنة والشيشان وغيرها – مجازر ضد الفلسطينيين كلها  )

– وخارج منظومة الأمم المتحدة سيجد الناس المخرج الصحيح للتخلص من تلك العنصرية والاضطهاد لوأمكن هذا

– لأن تلك المنظومة متواطئة أو على الأقل ضعيفة أمام قوة المتسلطين من الساسة في الدول القوية

– وكم عانينا كدول وأفراد من ازدواجية المعايير ومن قرارات مجلس الأمن التي لا تنفذ وتكون حبرا على ورق

– وهناك قائمة بعشرات الحالات في موقع ويكيبديا يرصد كافة القرارت التي تم استخدام حق النقض الفيتو من قبل الدول الكبرى واستخدمته أمريكا بشكل خاص في كافة  القرارات المنقوضة في قضايا الشرق الأوسط والمنطقة العربية وفلسطين والبوسنة

بينما استخدمته روسيا والصين بكثافة  في قرارات متعلقة بسوريا او العراق او دول أمريكا الجنوبية

– وقد أشار الرئيس أردوغان نفسه أكثر من مرة بأن العالم أكبر من خمسة دول اختصت نفسها بإقرار الحقوق أو نقضها بما يسمى ( حق النقض )

ولا ندري كيف يسمى حقا وبه تنقض كل محاولات لإدانة المجرمين حتى من بعض من لديهم في هذه المؤسسات قيما تدفعهم للإدانة