سهير الأنصاري سيدة أعمال مصرية تشارك في الكثير من الأعمال الخيرية، مثل مساعدة المحتاجين، وتجهيز الأيتام،

وكانت تعمل في الشئون الاجتماعية بالبحيرة، ورغم تقاعدها إلا أنها لم تتوقف عن تقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين.

خرجت السيدة لتوزيع الخير على الفقراء والمساكين، إلا أنه تم قتلها على يد سائقها، حيث قام بالاعتداء عليها بالضرب مُستخدمًا حديدة، مما أدى إلى وفاتها،

ولم يكتف بذلك، بل أخرجها من السيارة وسرق ممتلكاتها، هاتفها المحمول، وحقيبة يدها، وذهبها، ومبالغ مالية كانت ستوزعها السيدة الفاضلة على الجمعيات الخيرية، وأَخَذَ هذه الأموال وهرب على الفور…

قلت لنفسي:

هل فكر الواحد فينا في الغالب يوما في هذه الثروة التي بين يديه (الإسلام). أين هو من الحق والباطل؟ ما حقوق هذه الثروة علي؟ ما الواجب علي تجاه هذه الثروة؟.

أكثرنا اكتفى بشهادة الميلاد، واكتفى ببعض العبادات التي يؤديها،

لكن أن يُمكن نفسه في هذه الثروة، وأن يعرف قيمة هذه الثروة، وأن يسير وفق مقتضياته، فهذا بعيد عن عقول الكثير منا اليوم،

حيث أصبح الكثير منا لا يعرف الإسلام، ولا يتقن الإيمان، ولا يدرى حقوق الإسلام عليه،

لكن يقول: أنا مسلم وزيادة، معي ليسانس في الحقوق، معي بكالوريوس في الهندسة، معي دكتوراه في الذرة،

لكن إن زنته بموازين الإسلام، ومقاييس محمد لوجدت البون شاسعا بين ما يردده وبين ما يدين به.

فبمَ كنت كأبيك؟

(ما حدث من بنت بور سعيد وقتلها لأمها، وما حدث للست الفاضلة سهير الأنصاري في مدينة دمنهور ومقتلها على يد السائق خير شاهد على ما نقول).

أصبح حالنا كحال هذه القصة التي ذكرها الأستاذ على طنطاوي في بعض مقالاته

التي كان ينشرها في مجلة الرسالة المصرية، حيث ذكر أن رجلا اشتهر بصناعة القطارات،

وأراد هذا الرجل ألا تموت هذه الصناعة بموته، وألا تضيع هذه الصناعة بفقده، فكان له ولد صغير أراد أن يعلمه هذه الصناعة،

فتعلل الولد بأنه مازال في سن صغير، وأنه بعد أن يكبر سوف يتعلم هذه الصناعة،

وبين إلحاح الأب واعتذار الولد تصرَّم العمر من الأب فمات الأب.

أراد صاحب المصنع أن يأتي بشخص مكان هذا الرجل المتوفَّى، فأشار العمال عليه بأن هذا الرجل له ولد صغير، وأنه الأحق بمكان أبيه.

جاء الولد ووقف أمام مدير الشركة وقال له المدير: عليك أن تقود هذا القطار كأبيك؟

فقال الولد له: إنني كأبي وأفوقه بقوة الشباب، لكن هذه القيادة لا أعرفها،

فقَال له المدير: إذن عليك أن تصلح لنا الأعطال التي تقع بالقطار؟

فقال الولد له: أنا كأبي وأفوقه بقوة الشباب، وهذا التصليح أيضا لا أعرفه،

فقَال له المدير: إذن عليك أن تخترع لنا شيئا؟

قال الولد له: أنا كأبي وأفوقه بقوة الشباب وهذا الاختراع أيضا لا أعرفه،

ما كان من مدير الشركة إلا أن رفع يده وضربه على خده وقال له: أيها الغرُّ التافه، وأيها الأبله البليد: فبمَ كنت كأبيك؟ فبمَ كنت كأبيك؟.

ما يفسد أكثر مما يصلح

ولذلك قال السلف: من عبد الله بغير علم، كان ما يفسد أكثر مما يصلح.

لن تعبد ربك العبادة الصحيحة إلا إذا عرفت الصواب من الخطأ، والحق من الفاسد، والمسنون من المبتدع.

نحن أصبحنا خبراء في كل شيء إلا الإسلام. طبقنا الإسلام في ثلاثة أماكن وفقط،

ويا ليتنا طبقناه وفق مراد الله تعالى ورسوله : في المساجد، في المآتم، على المقابر،غلبت جاهليتنا العربية على تعاليم الله الربانية، غلبت جاهليتنا العربية على تعاليم خير البشر ، وهذا ما حاول المستعمر تنفيذه ونجح فيه بامتياز.

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

من د. عبد الغنى الغريب

رئيس قسم العقيدة بجامعة الأزهر