مصطفى البدري

غزوة بدر كانت بين فريقين:

فريق يدافع عن وطنه وهيبته وكرامته، وهذا الفريق وصفه الله عز وجل بأنهم {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.

وفريق آخر يدافع عن دينه وعقيدته وطلبًا لحقوقه المنهوبة المسلوبة، ففوت الله عز وجل عليهم أمر الحقوق، ووضعهم في حرب دينية عقائدية خالصة: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}.

وإليك الصدمة: كثيرون من الفريق الثاني (المؤمنون) ليسوا من أبناء الوطن (المدينة) بل هم جدد عليه!!

وفي الفريق الأول خرج بعض الذين يخفون إسلامهم بمكة (إكراهًا) بوازع الوطنية!! فلما قُتِل بعضهم في المعركة، نزل فيهم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ? قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ? قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ? فَأُولَ?ئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ? وَسَاءَتْ مَصِيرًا} يعني رغم أنهم مسلمون.. لم يسمهم القرآن شهداء، نزل فيهم هذا الوعيد الشديد!!

وما علاقة ذلك بالصورة والكلام العفن المكتوب فيها؟

الجواب: إذا استحضرت مشهد بدر بكل تفاصيله، ستجد أن هذا الكلام ينطبق على معسكر كفار مكة، أكثر من انطباقه على معسكر المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

وتقدر توصف أبا جهل وأمية بن خلف وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة وبقية السبعين بأنهم شهداء الوطن والكرامة (وممكن الدين أيضًا)!!

في حين أن الله عز وجل حسم المسألة بوضوح في العديد من آيات الكتاب الحكيم؛ فقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ  إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.

وقال سبحانه: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْن}.

وقال جل وعلا: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ? سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}.

والكثير من الآيات والأحاديث التي تؤكد أن الفرقان بين الحق والباطل هو الفرقان بين الإيمان والكفر.

ومن ثَمّ فهذا الكلام المنشور على صفحة دار الإفتاء المصرية، بالفيسبوك، من أن ذكرى غزوة بدر الكبرى دارت أحداث معركة كبرى بين الحق والباطل؛ فأيد الله المؤمنين وأظهرهم على عدوهم وأمدهم بمدد من عنده.

مما نستلهمه من غزوة بدر أن الله سينصرنا في معركتنا الكبرى ضد قوى التطرف والإرهاب. هذا الكلام هو ضلال مبين نبرأ إلى الله عز وجل منه.

والله المستعان وعليه التكلان

مصطفى البدري

من مصطفى البدري

باحث وداعية إسلامي. عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية. مراجع لغوي بالرابطة العالمية للحقوق والحريات، والندوة للحقوق والحريات.