الطلاق المعلق يخرج مخرج اليمين.. وهو أكثر ما يقع فيه الناس من أنواع التطليق وصورته أن يعلق الطلاق على شيء حثا على فعل أو منعا منه أو للتصديق أو للتكذيب.

وضابطه إن قائله لا يقصد من ذلك طلاقا وإنما يقصد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب وهى إغراض اليمني المعروفة بمعنى انه يكره الطلاق ويكره هذا الشيء المعلق عليه وهو يتوصل بأكثرهم كرها لأقلهم.

وهذا النوع من الطلاق لم ترد نصوص صريحة من كتاب السنة تعتبر الطلاق المعلق طلاقا عند الحنث أو لا تعتبره وإنما هي بعض الآثار عن الصحابة وغيرهم من السلف ولذلك فان للاجتهاد فيه مجالا.

وقد كان الاختلاف فيه على قولين رئيسيين هما:

القول الأول:-

هو مذهب الجمهور وأكثر القولين انتشارا بين أهل العلم منهم الأئمة الأربعة حتى زعم بعضهم الإجماع عليه

كما نقل السبكي ذلك عن الشافعي وابن المنذر والطبري وابن عبيدة وغيرهم من أن الطلاق يقع إذا حدث المعلق عليه

ولا عبرة بما إذا كان يقصد مجرد التعليق أو يصد أغراض اليمين من منع أو حث أو تصديق أو تكذيب واستدلوا عل ذلك بأشياء منها:

1- الآثار وأبرزها ما أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم أن رجلا طلق امرأته البتة أن خرجت فقال ابن عمر إن خرجت فقد بانت عليه وان لم تخرج فليس بشيء واستدلوا بنقول أخرى عن الصحابة لا تخلو من مقال.

2- استدلوا بان الفقهاء اجمعوا إلا من شذ منهم على صحة طلاق الهازل وان لم يقصد الطلاق فكذا الحالف قد نطق بالطلاق ولم يقصده كالهازل وبالتالي فله مثل حكمه.

3- إن قصة المنع أو الحث أو التصديق وان كان مقصودا فان ذلك لا ينفي وجود قصد الطلاق إذا حدث الوقوع وإلا ما أقام الزوج مانعا بينه وبين وقوع الحدث.

هكذا وقد أفاض السبكي في الانتصار لهذا المذهب في رسالة ألفها في الرد على ابن تيمية بعنوان: «المنظر المحقق في الطلاق المعلق».

أما القول الثاني

فانتصر له ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو قول الظاهرية والخوارج والامامية ومؤداه انه يمين تجب فيه الكفارة للأمور الآتية:

1- انه لم يقصد الطلاق وإنما قصد الحث أو المنع أو التصديق وإنما الأمور بمقاصدها للحديث ” إنما الإعمال بالنيات…”

2- إن هذا الطلاق يسموه يمينا في اللغة وفى عرف القضاء ولذا دخل في إيمان البيعة وفى عموم أحكام اليمين مثل،

الاستثناء منه والتحذير من اقتطاع مال مسلم به وفى عموم الايلاء وغيرها وينبغي أن يدخل في أحكام اليمين من حيث الكفارة لدخوله في عموم اليمين

{قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم…} {لا يؤاخذك الله باللغو في أيمانكم…}

3- الأثر الوارد من قصة ليلى بنت العجماء من أنها قالت إن كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهى يهودية أو نصرانية إن لم تفرق بين مولى لها وبيشن زوجة

فاستفتت في ذلك زينب بنت أم سلمه وحفصة وابن عمر فكلهم أفتوها بكفارة اليمين وان تخلى بينها ولم يأمروها بإنفاذ اليمين..

والطلاق مثل العتاق والصدقة محبوبان لله وهما من أعمال البر أما الطلاق فهو مكروه فيكون قياسه عليها من قياس الأولى.

4- اصحب هذا المذهب ردوا بان ما نقل عن الصحابة من إيقاع هذا الطلاق

إنما فعلوا هذا في طلاق معلق لم يقصد به مقاصد اليمين وبالتالي يسقط الاستدلال به في مسألتنا على الأقل لتطرق الاحتمال إليه.

وعلى ذلك فقد اختاروا أن عدم وقوع الطلاق واختلفوا هل هي يمين منعقدة فيها الكفارة أم أنها غير منعقدة لا شيء فيها.

ولا يخفى من العرض السابق أن الأقرب والذي عليه الفتوى عند كثير من علمائنا المتأخرين مثل:

الشيخ القرضاوي والشيخ عطية صقر والشيوخ ابن باز والخياط وآل الشيخ وغيرهم أنها يمين..

وأن الطلاق في هذه الحالة لا يقع إذا حدث المعلق عليه وان فيها معني اليمين وان استخدم الحالف لفظ الطلاق

وبالتالي فان أحكام الطلاق تطرد فيه ومنها الكفارة عند الحنث والله أعلم

من أسامة حافظ

رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية - مصر