أشرف عبد المنعم

3- موقف محطم النصرانية سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام والمعروف في كتب النصارى بـ«يوحنا المِعمِدان»

ذِكْرُ سيدنا يحيى يَقضي على النصرانية قضاء مبرما، ويقضي على كل العقائد والإدعاءات النصرانية من

«فداء وصلب وخطيئة أصلية وألوهية المسيح والثالوث…الخ»

وحتى لا نخرج عن الموضوع، نركز في إدعاء النصارى بألوهية السيد المسيح، يخبرنا لوقا الإصحاح الأول عدد 36 قول الملاك جبريل للسيدة مريم

«وهوذا اليصابات نسيبتك هي ايضا حبلى بابن في شيخوختها

وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا 37 لانه ليس شيء غير ممكن لدى الله». 38 فقالت مريم:

«هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك. فمضى من عندها الملاك»

ميلاد المسيح ويحيى.. معجز

فكما أن ميلاد المسيح معجز لأنه ولد بدون أب، فكذلك ميلاد سيدنا يحيى معجز لأنه ولد من أم عجوز وعاقر،

الطبيعي في وجود حيوان منوي صالح وكذلك بويضة صالحة يحدث حمل بإذن الله وبدون إذن الله لا يحدث شئ،

وكذلك ميلاد المسيح ويحيى عليها السلام تَمَّ بإذن الله، فلا حجَّة للنصارى أن ينسبوا الإلوهية للمولود،

لأن مولده تَمَّ بطريقة استثنائية نرى فيها قدرة الله عّزَّ و جَلْ،

والسيدة مريم نسيبة الياصابات أم سيدنا يحي، وعلماء الكتاب المقدس يرون مشكلة في ذلك لأن اليصابات من نسل هارون وفي كتاب متى يخبرنا أن مريم من نسل داوود!!

عموما المسيح ويحيى أقارب (أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بأنهما أولاد الخالة)،

وعليه فهما يعرفان بعضهما البعض تمام المعرفة، وتعميد يحي للمسيح في نهر الأردن من الأمور المحرجة جدا للنصارى،

لأن يحي كان مشهورا بين الناس بأنه نبي وكان يعَمِّد للتوبة أي يغَطِّسَ الناسَ في نهر الأردن رمزا للطهارة من الذنوب،

على أن يعترف الشخص بذنوبه إليه، على أساس إيمانه به بأنه نبي من أنبياء الله، وإيمان بني إسرائيل هو أن الله واحد أحد لا ثالوث!

وهكذا فعل المسيح أيضا فتأمل!

حوارا وهمي بين المسيح ويحيى

نقرأ هذا في (مرقس 1: 4) «كَانَ يوحَنَّا يعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ ولِمَغْفِرَةِ»

وعند التعميد اخترع النصارى حوارا وهميا بين المسيح ويحيى، وفيه يطلب يحيى من المسيح أن يعمده هو!!

لأن النصارى يعلمون أن الذي يعَمِّد له سلطة دينية أعلى من الشخص الذي يعترف بذنوبه ويتعمد على يديه!

وهنا نسأل النصارى، هل عرف يحي النبي أن المسيح هو الله الذي اختاره نبيا وبعثه ويوحي إليه؟ إن قالوا نعم،

نقول ولماذا لم يعلن يحيى ذلك للناس؟

ولماذا كان له أتباع وتلاميذ ويعبدون الله كما عَلَّمَهم نَبيهم يحي ولم يَلزموا هم ونبيهم المسيح ليعبدوه؟!

وإن قالوا لا، نقول ولماذا لم يًخبره المسيحُ بهذه المفاجأة السَّارة؟

ولماذا تركه هو وأتباعه ولم يطلب منهم ولو لمرة واحدة أن يَتَّبِعوه؟

وكيف يقول المسيح في يوحنا 14: 6 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.»!!

فما هو مصير يحي وأتباعه؟ إن قالوا الملكوت (الجنة) قلنا إذن كّذَّبتم المسيحَ فيما قال،

ولو قالوا بحيرة النار والكبريت! قلنا وكيف يعاقبون على شيء لم يرتكبوه ولم يعرفوه؟!

فالمسيح لم يخبرهم ويطلب منهم ذلك وكذلك نبيهم لم يطلب منهم أو يخبرهم!! بل على العكس من ذلك فقد شهد المسيح شهادة تاريخية في حَق سيدنا يحي،

في متى 11.11 «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ…»!

لاحظ إن يحي أعظم من المسيح لأنه أيضا مولود من إمرأة!

فتأمل، ثم هل بعد هذه الشهادة الرائعة في حق يحي أن يقول النصارى أنه وتلاميذه سيدخلون النار؟!

ليس هذا فحسب بل أنه هناك حوار بين تلاميذ يحي وبين المسيح،

فيذكر متى 9. 14 «حِينَئِذٍ أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يوحَنَّا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟»

وهنا كانت فرصة للمسيح أن يقول لهم أنه الله ويشرح لهم الثالوث ويأمرهم بإتِّباعه هو أليس كذلك؟ فلماذا كان رد المسيح كالآتي:

فقال لهم يسوع:

«هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم؟

ولكن ستأتي ايام حين يرفَع العريس عنهم فحينئذ يصومون»!

هنا لم يخبرهم بإلوهيته أو أي شيء مما يزعمه النصارى،

ومجرد ملاحظة سريعة، تأمل قوله عليه السلام «حين يرفع العريس» الفعل مبني للمجهول، «أي أنه ليس الفاعل» ونتذكر قوله تعالى «بل رفعه الله إليه»! فتأمل.

الخلاصة:

أن النصارى يزعمون أن السيدة مريم أم المسيح وكذلك زوجها بل وإخوته وأخواته، وكذلك نبي الله يحيى

وكذلك تلاميذه وتلاميذ المسيح لم يفهموا ولو لمرَّة واحدة كلام من المسيح يدعي فيه الإلوهية

أو يلمح تلميحا ولو بعيدا أنه هو الله -وحاشاه- ثم جاءت مئات الفرص للمسيح ليعلن ما يتوهمه النصارى

ولكنه لم يفعل بل فعل العكس تماما كما سنرى في كلام المسيح لاحقا بإذن الله،

والمسيح ويحي عليهما السلام لم يذكر أي منهما ولا الأنبياء من قبلهما أي شيء عن تأنس أو تجسد الله -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-

أو جاء ذِكر الثالوث أو التثليث أو الخطيئة الأصلية أو كلمات مثل الفداء والصلب على لسان أي منهما أو كلام منسوب لأحد من الأنبياء!

أليس هذا دليلا أن تأليه المسيح بل وكل عقائد النصارى مناقضة لكل ما جاء به الأنبياء عليهم السلام؟ بل ومناقضة لكتبهم التي يؤمنون بها؟!

وقبل الختام أترك النصارى مع سؤال من سيدنا يحي أرسل به إثنين من تلاميذه للمسيح بعدما قام المسيح- بإذن الله- بمعجزة إحياء شاب ميت،

في لوقا إصحاح 17 عدد 18 فاخبر يوحنا تلاميذه بهذا كله. 19 فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وأرسل إلى يسوع قائلا:

«أنت هو الآتي أم ننتظر أخر؟»! وهنا نسأل هل النبي يسأل الله أأنت الله أم ننتظر إله آخر؟!

هل هذا كلام عقلاء؟

وكان رد المسيح هو أن يرجع التلميذان ليقولا ليحي 18 «اذهبا واخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما:

 إن العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون. 23 وطوبى لمن لا يعثر في»!!

فلم يقل المسيح أنه الله الذي بعثك نبيا وأنا الذي أوحي إليك؟!! ونترك النصارى ليجيبوا على سؤال يحي وإجابة المسيح عليهما السلام.

ودمتم.

من أشرف عبدالمنعم

كاتب وباحث في الأديان