تحتل سلطنة عُمان موقعاً جغرافياً استراتيجيا بين شرق آسيا وغربها وفي إطلالة سواحل مدنها على الخليج العربي وبحر عمان وبحر العرب وذلك يمكنها من أن تكون مقصدا مهماً وريادياً في مجال الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج والدول المطلة على المحيط الهندي وبلدان شرقي إفريقيا.

 

ويعتبر موقع السلطنة الجغرافي، بالإضافة إلى البنى الأساسية القائمة التي شيدت على أحدث المواصفات العالمية وتلك التي هي قيد التشييد، فضلاً عن المناخ السياسي الآمن المستقر، من العناصر الأساسية لخطة السلطنة إحداث نقلةّ نوعية في صناعة الخدمات اللوجستية التي يتواصل العمل على استكمالها، ولكي تصبح مركزاً أساسياً للخدمات اللوجستية على مستوى العالم.

 

وتنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للتخطيط، تم خلال عام 2014م تشكيل فريق عمل من الحكومة والقطاع الخاص والأكاديميين، وقد عمل أعضاء هذا الفريق معاً بالتعاون مع 65 خبيراً من كل القطاعات ذات الصلة بالخدمات اللوجستية وتم وضع خطة استراتيجية للقطاع اللوجستي في ضوء توجهات خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 ـــ 2020) لتنويع مصادر الدخل وانسجاما مع التخطيط البعيد المدى للسلطنة حتى عام 2040.

 

ويتواصل عمل الجهات المعنية في سلطنة عُمان والتنسيق فيما بينها لتحقيق مستوى عال من التنافسية الإقليمية والدولية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية وتحسين مستوى التقارب والتعاون الدولي عبر إنشاء وتطوير وتفعيل الاتفاقيات الدولية وتبسيـط إجراءات النقـل عبـر إرساء منظـومة النافـذة الواحـدة باستخدام التقنيـة الحديثة، وتوفير وصيانة البنى الأساسية بجودة وسلامة عالية لمستخدميها والمحافظة على البيئة، وتطوير التشريعات المنظمة لقطاع النقل، وإدخال التكنولوجيا الحديثة وتنمية البحث العلمي في مجال النقل واللوجستيات.

 

وبذلك يكون القطاع اللوجستي في سلطنة عُمان هو القاطرة الرئيسية التي تقود القطاعات الأخرة لمشاريع التنويع الاقتصادي، حيث استكمل القطاع متطلبات التواصل التجاري والسياحي وكافة الأنشطة الاقتصادية التي تربط السلطنة بمحيطها الخليجي والعربي والآسيوي والعالمي.

 

فشبكة النقل البري تمتد لأكثر من 32 ألفا و600 كيلومتر من الطرق المعبدة، المفردة والمزدوجة والممهدة، التي تربط محافظات السلطنة وولاياتها وقراها ببعض، كما تربط السلطنة بدول الجوار في الخليج، كما أن موانئ السلطنة كافة ترتبط بطرق بمواصفات عالمية تسهل عمليات استيراد وتصدير البضائع من السلطنة وإليها.

 

وتعتبر الموانئ البحرية من أهم مقومات القطاع اللوجستي في السلطنة وتمتد على أهم الثغور البحرية للسلطنة، إذ يعتبر ميناء السلطان قابوس البوابة البحرية الرئيسية لسلطنة عُمان ويتمتع بموقع متميز ويعتبر من الموانئ الرئيسية في المنطقة، واكتسب ميناء السلطان قابوس هذا التميز في موقعه من أهمية موقع سلطنة عمان الاستراتيجي المتميز حيث تقع في مفترق الطرق التجارية بين الشرق والغرب وتحتل مركزا فريدا تسيطر معه على الطرق الملاحية بين الموانئ الأوروبية والمتوسطية والإفريقية وتلك التي تقع في شبه الجزيرة الهندية وجنوب شرق آسيا.

 

ويعتبر ميناء صلالة من الموانئ المتميزة إقليميا وعالمياً ويلعب موقعه الاستراتيجي على بحر العرب دوراً مهماً في ذلك، كما يستقبل الميناء السفن السياحية والتجارية. وتَصَدّرَ ميناء صلالة قائمة الموانئ الرئيسية على مستوى أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث جاء في المركز الثالث في قائمة موانئ الدول في هذه المناطق بسبب ارتفاع معدلات إنتاجيته. كما انضم إلى مجموعه أفضل موانئ الحاويات في العالم وجاء في المرتبة 15 عالميا وذلك وفقاً لتقرير اقتصادي جديد صدر حديثا.

 

كما يعتبر كل من مينائي صحار والدقم من الموانئ المهمة للقطاع الصناعي في السلطنة، إذ يتميز ميناء الدقم بموقعه الجيد والمفتوح بمحافظة الوسطى وهو ميناء متعدد الأغراض، وتزداد أهمية ميناء الدقم من خلال إنشاء حوض جاف وهو ميناء صناعي تبلغ مساحته 21 مليون مترا مربعا ويوفر الميناء مرونة وسهولة نقل البضائع من والى الأسواق الرئيسية داخليا وخارجيا.

 

ومما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لميناء الدقم هو خطة تطويره ليصبح مركزاً متكاملاً للخدمات اللوجستية متعدد الوسائط تشمل وسائل النقل البحري والبري والجوي والسكك الحديدية. كما أن شبكة السكك الحديدية لنقل الركاب والبضائع المخطط لإنشائها، ستربط هذا الميناء الصناعي بنظام السكك الحديدية الوطنية.

 

ويُعتبر مطار الدقم الذي تم تشغيله في يوليو ٢٠١٤م من أهمّ وسائل ربط منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة بالعالم الخارجي لغايات نقل الرُكَّاب وشحن البضائع، ومطار الدقم يعتبر بمثابة بوابة إلى المنطقة ذات الإمكانيات اقتصادية وصناعية وتجارية كبيرة. ويتمتع المطار أيضا بإمكانيات للاستثمارات المرتبطة بالسياحة. وقد تصبح ولاية الدقم الساحلية المحور الصناعي والتجاري الرئيسي المقبل في عمان.

 

ويعتبر النقل الجوي من مقومات القطاع اللوجستي في السلطنة، فالطيران العماني تمثله شركة الطيران الوطنية العمانية، يقع مقرها الرئيسي في مدينة مسقط، وتتخذ من مطار مسقط الدولي مركزاً لعملياتها، إضافة إلى مركزها الفرعي الثاني في مطار صلالة. ويقدم مطار مسقط الدولي الخدمات اللوجستية في الشحن التجاري (Cargo) لعشرات الجهات في العالم، إضافة إلى نقل ما يتجاوز 4 ملايين مسافر سنويا.