أطلق على الإعلام أنه (سلطة رابعة) ليس لأنه يملك الإلزامية للمجتمع وإنما لأنه يؤثر في المجتمعات ويعيد صياغة وترتيب أولوياته.. وهذه خاصية ينفرد بها الإعلام عن غيره من السلطات.

 

وكثيرا ما تحاول السلطة السياسية استخدام سلطة الإعلام للترويج لوجهات نظرها يتم هذا محليا في أغلب الدول للترويج للسياسات الحكومية ولتحسين صورتها ويتم عالميا لتهيئة الرأي العام العالمي لتقبل أعمالا شائنة كالحروب كما كان يفعل هتلر بإنشائه وزارة للدعاية إبان الحرب العالمية وكما تفعل أمريكا بصياغة رأي إعلامي يبرر وجهات نظرها وتستخدم أساليب التعمية والمنع للمعلومات كلما أمكنها ذلك ،

 

لكن هذا الاحتكار يتم كسره كلما استطاع الإعلام غير التقليدي دخول الحلبة وهذا تطور في غاية الأهمية.

 

فمع دخول الإعلام الجديد بصوره المختلفة: من مواقع الإنترنت وصفحات التفاعل الإلكترونية وإرسال الرسائل عبر الهواتف والمحطات الفضائية غير المحلية.

 

كل ذلك ساهم في عمليات تأثير أخرى تعتمد على التفاعل بين المشاهد ومرسل الرسالة ؛ حيث تدخل الهواة والمتلقون في عملية إرسال الرسالة الإعلامية والتفاعل معها، وهو ما خلق واقعا جديدا تم فيه تبادل الأدوار بين المرسل والمستقبل في العملية الاتصالية مما ساهم إلى حد كبير في تدفق المعلومات والأخبار والآراء.

 

فمثلا ووفقا لمحرك البحث العالمى العملاق (جوجل): غير الانترنت العالم بشكل جذري في العشر سنوات الماضية حيث يبحث 2 مليار شخص الآن عن المعلومات الكترونيا كل يوم، ويرسلون 100 مليار رسالة الكترونية كل يوم.

 

وحقا يمكننا أن نطلق على الإعلام الجديد والذي يخرج عن الإطار الرسمي لإعلام الحكومات وإعلام رجال الأعمال بأنه (السلطة الخامسة) فهو يعتمد على تلك الطريقة في التناول للأخبار.

 

والمعلومات بحرية كبيرة ؛ لم يكن يحلم بها أيا ممن نادوا بحرية التدفق والتداول للمعلومات ، مع ما قد يتضمنه ذلك من بعض السلبيات في ممارسات غير مسؤولة أو تتبع للحياة الخاصة أو بث معلومات غير موثقة وإطلاق الإشاعات وبثها.

وفي المجتمعات الحرة يمكن أن يقع التأثير الإعلامي على مدى أكبر فقد يتسبب في إقالة حكومات أو تعديل مساراتها أو حث السلطات الأخرى على اتخاذ قرارات وصياغة قوانين تجاوبا مع ما يثيره الإعلام من قضايا.

 

لكن لكي لا نسرف في التفاؤل فإن السلطات الأخرى لا تزال تتحكم أيضا بشكل غير مباشر في التطبيقات والمواقع ووسائل الاتصال الاجتماعي بما يعزز فكرة أنها من وسائل السيطرة أيضا على الشعوب ولو بدعوى عدم السماح للتطرف فإن معايير التطرف هم الذين يضعونها.

 

وهذا التحكم والسيطرة لتلك النظم هي وجهة نظر متشائمة تدفع أحيانا لليأس لكن لها وجه كبير من الحقيقة وليست إسرافا في التخوف أو الحذر وإنما واقعية تستند إلى قدرة الدول ومؤسساتها على التحكم في رؤوس تلك المؤسسات التي تبدو محايدة كوسائل التواصل مثلا.

 

ودليل ذلك أنها تحجب وتعاقب وتحذف صفحات وتعليقات وأحيانا مواقع لمن لا يتفق مع سياساته الغرب بل ومن يدعمه الغرب كالأنظمة القمعية والتي تقهر شعوبها وكذلك كل من له علاقه بالمقاومة للاحتلال وللهيمنة كل أولئك يمنعون أو يحجمون بصورة أو بأخرى.

 

لكن تبقى المدافعة والكفاح ومحاولة توصيل الحقائق بكل السبل وعدم اليأس والعودة من جديد وبصور أخرى هو مجال أصحاب الرسالات حتى يأذن الله تعالى بنظم أكثر حرية واستقلالية.