د. أحمد زكريا

عندما تم ترحيلي إلى سجن وادي النطرون في شهر رمضان، كان الطبيعي أن يدخل الإخوة غرفة الإيراد مع الجنائي لمدة 15 يوما، من باب الإذلال والتضييق على الإخوة،

فتخيل غرفة 50 مترا تضم أكثر من 90 إنسانا في منتصف شهر يوليو، فضلا عن شرب السجائر، وسب الدين والشتائم وسوء السلوك بين مجتمع الجنائيين.

ومع ذلك فللإخوة هيبة كبيرة في نفوس الجنائيين، فبمجرد دخولي أفسحوا لي أفضل مكان في «المراية»، برغم أن القواعد تقتضي النوم عند الحمامات،

لكن أكرموني جدا، وجهزوا إفطارا جيدا، وصنعوا شايا، وعند صلاة العشاء طلبوا أن أصلي بهم القيام بجزء،

فقلت لهم كثير عليكم، صمموا فصلى خلفي حوالي عشرة، والتزم الباقي بالصمت طوال الصلاة.

ثم التفوا حولي يسألون ويناقشون عن أمور دينهم، وعند الفجر اصطف ورائي قرابة الـ40 مصليا،

وفي اليوم التالي صلى معظم من في الزنزانة، وكان دخولي إليهم عصر الأربعاء، وعند ظهر الجمعة وجدت الشاويش ينادي:

الشيخ اللي هنا هيتوزع على عنبر السياسي،

ولما تكلمت معه على سرعة التوزيع، قال: إحنا مش قادرين عليكم، كمان الجنائيين!

من د. أحمد زكريا

كاتب وباحث