د. أحمد موفق زيدان، كاتب صحفي سوري

الانقلاب الذي وقع على البشير كان انقلاباً بترتيب خارجي، أدواته الإقليمية الإمارات، هَدف لفرض قوى سياسية أقلوية،

وبشخصيات مبنتة مجتمعياً،مهمتها خدمة أجندة دولية في تجريف حياة السودان، وهندسة مجتمعه، بما يتسق مع مصالح معادية للسودان.

المحاولة الانقلابية الفاشلة الأخيرة في السودان رمت لتصحيح الأوضاع التي سعت لتكريس حكم مدني ظاهرياً، وعسكري جوهرياً،

إذ أصروا على فترة انتقالية لعشر سنوات، ليضمنوا هندسة مجتمع السودان كما يرغب مشغلوهم،

أما الانقلابيون فأوقفوا انقلابهم ودخلوا السجن مقابل تعهد بكبح المدنيين.

الثنائي في الحكم العسكري برهان وحميدتي لكل واحد منهما مشاكله.

فالأول يحظى بقبول من السيسي كلاعب إقليمي مهم في السودان بسبب تقارب رتبهما العسكرية،بينما حميدتي يحظى بدعم الإمارات،

وليس مرغوباً من السيسي،لكن كلاهما يدركان أهمية العامل الإقليمي  في تسويقهما للغرب تحديداً.

الغرب يحمي العصابات

العالم الذي تحرّك لصالح زمرة سياسية غير منتخبة مثل حمدوك في السودان هو نفسه الذي صمت كصمت القبور عن الإطاحة بحكم مدني منتخب ك مرسي في مصر،

أما حمدوك فيدرك أن مكمن قوته بالدعم الخارجي، وببقاء عصابته كاملة في الحكم، ولذلك رفض العودة الفردية ما لم تكن العودة للعصابة كاملة.

البرهان إن وفّى بما وعد في تشكيل حكومة تكنوقراط، وعقد انتخابات في عامين، مع تجميد اللجنة المعنية بمصادرة ممتلكات الناس،

ربما يكون  قطعاً للطريق على مستقبل خطير ينتظر السودان في ظل وجود حركات مسلحة في الخرطوم، رفضت حمدوك،

بالإضافة لتحرك قبائل، وقوة الحركة الإسلامية الكامنة

حجم الغضب الشعبي الذي ظهر بفترة حكم حمدوك وعصابته أظهر أن البشير كان نظيفاً مقارنة بهم.

لقد عجز الانقلابيون وحلفاؤهم عن إبراز أي فساد للبشير وعائلته،

وحتى الأموال التي ظهرت على التلفاز الرسمي ماكان لهم أن يصلوا إليها لولا أن البشير دلّهم عليها، حيث كانت بمكتبه وليس ببيته.

الحركة الإسلامية في السودان الموجودة منذ عقود كممارسة سياسية،ومنفردة حتى بالحكم ل3 عقود، يصعب تهميشها، أواستبعادها،

يُضاف إليه أن الحكم السوداني تاريخياً يشير لاستحالة استفراد العسكر بالسلطة بعيداً عن السياسيين ممن لديهم حاضنة شعبية وليس لسياسيين هبطوا بالمظلات على السياسة.

الانقلاب الذي وقع على البشير كان انقلاباً بترتيب خارجي، أدواته الإقليمية الإمارات، هَدف لفرض قوى سياسية أقلوية،

وبشخصيات مبنتة مجتمعياً،مهمتها خدمة أجندة دولية في تجريف حياة السودان، وهندسة مجتمعه، بما يتسق مع مصالح معادية للسودان.

من د. أحمد موفق زيدان

كاتب صحفي، سوري