لقد كشفت الأيام الماضية حيث الخلاف الفقهي المحتدم بين المجيزين لتهنئة النصارى بالعيد وبين المانعين لها أن المشكلة الأكبر ليس في الحكم ذاته فهذا الحكم سوف يبقى يتجاذبه الخلاف الفقهي وسرد الأدلة المجيزة أو المانعة.

 بل المشكلة في تحول الخلاف من دائرة الخلاف الفقهي حيث الراجح والمرجوح والمعتبر وغير المعتبر والصواب والخطا إلى دائرة الاتهام المتبادل بأمور مؤسفة هي خارج محل النزاع الفقهي.

فالمانع يرمي المجيز بمثل أنه:

•يفتي للسلاطين

• مميع للثوابت

•تحت سلطة الثقافة الغربية الغالبة

•  شموله بإقرار الكفر بقصد أو بغير قصد 

•الاتهام بالتذرع بفقه التعايش

• تسقيط منهج المقابل ككل بدل تخطئته في فتواه في هذه  المسالة بعينها.

•التساهل بضرب العقيدة والتوحيد في الصميم!

والمجيز يرمي المانع بمثل أن:

  • ديدنه التشدد

•الجمود الفقهي  

• عدم فقه الواقع

•الجنوح نحو ضرب التعايش السلمي

• عدم إدراك المقاصد واختلاف العلل والمناطات

•تسقيط منهج المقابل ككل بدل تخطئته في فتواه في هذه  المسالة بعينها

• تحويل الخلاف من فقهي إلى عقائدي! 

وكلا الفريقين وقع في الغلو وشخصن الخلاف وخرج عن محل النزاع والخلاف الفقهي الذي ينبغي أن تسود فيه روح النقاش العلمي والإخلاص في تحري الصواب ولو على لسان الخصم وأن كل قضية يحصل فيها الخلاف فهي ظنية يسوغ فيها الرأي والراي الأخر وتعدد الاجتهادات وأنها ليست من قطعيات الدين وثوابته. 

كل ذلك يخبرنا:

• أننا نحتاج لاحترام أهل العلم لبعضهم البعض.

•وجعل صحة الاستدلال في المسألة هو الحكم

• وأن النقاش الفقهي فيه راجح ومرجوح وصواب وخطا لا إيمان وكفر وطاعة ومعصية

•وأن المصيب يناله الأجران من الثواب والمخطئ يناله الأجر الواحد

• وان الخلاف الفقهي لا يبيح الانتقاص من المخالف أو غيبته أو الدخول في نيته أو اتهامه في دينه من غير دليل

v وأنه قد وقع الخلاف بين السلف الصالح وعلماء الأمة من المتقدمين والمتأخرين فيما هو أكبر من حكم التهنئة ولم يجعلوا هذا الخلاف مستندا ولا ذريعة لتكفير أو تفسيق أو تبديع أو انتقاص.

وأخيرا:

 فإن هذا كله قد أصبح لا يقل أهمية عن بيان الحكم ذاته إن لم يكن الأهم في واقع المسلمين اليوم على المدى القريب والبعيد.

د. سعد الكبيسي

من د. سعد الكبيسي

عضو الهيئات الشرعية العالمية ومستشار مراكز البحوث والدراسات