د. صالح الرقب، أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين

 يستنبط من سير الذين سبقونا بالإيمان ولقوا الله سبحانه وتعالى ثابتين غير مبدلين ولا مفرطين بعض الوصايا التي تعين من زالوا عن طريق نُصرة دين الله عز وجل، وتحرير أرض فلسطين المسلمة، منها:

1- استمرارية العمل لنصرة دين الله في كل الأحوال، في الرخاء والشدة، وفى الانفراج والتضييق، لأن دعوة الله مستمرة وماضية إلى يوم أن نلقى الله سبحانه وتعالى.

2- مضاعفة الجهد والتضحية والعمل وقت الشدة والمحن والأزمات وعدم التباطؤ والتقصير وقت الانفراج حتى لا تعطى الفرصة لأعداء الدين بالتنامي والقوة.

3- تجنب التفاؤل المفرط وقت الانفراج، ويجب التوازن بين الأمور كلها، فالوسطية والاعتدال من موجبات الفلاح والثبات.

4- تجنب اليأس والقنوط من نصر الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

5- التوازن بين العاطفة والموضوعية، وبين الحماس والتؤدة, فلكل مسألة من مسائل الدعوة لنصرة دين الله ما يناسبها من السياسات والخطط والبرامج واختيار الأساليب والسبل والأدوات المشروعة، أى الجمع والتفاعل والتوازن بين موضوعية الشيوخ وحماس الشباب فهذا مما يحقق الغايات المشروعة.

6- التوازن بين الحذر والحركة، فالخوف الشديد يعوق العمل لنصرة دين الله تعالى، والحركة بدون ضوابط مناسبة يعطل العمل وكلاهما منوط بالضوابط الشرعية للدعوة إلى نصرة دين الله.

7- الثبات والمرابطة مع عباد الله الصالحين الصابرين الداعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ممن قال الله فيهم:

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) الكهف:28.

8- المداومة على التربية العسكرية بجانب التربية الروحية مهما كانت المشاغل الأخرى، مع دوام الصبر والمصابرة، والمرابطة والثبات على طريق نصرة دين الحق، وهذا سبيل الفلاح, مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران:200.

9- عدم الالتفات للمثبطين من المنافقين سواء كانوا من الداخل والخارج، فهؤلاء غالبا يعملون لصالح أعداء الله تعالى، ومن أجل شهواتهم ومصالحهم، ولعداوتهم للإسلام كشريعة ومنهج حياة.

أيها المجاهد كم خلودك في الدنيا؟ والله لضربة في سبيل الله وفي عز الإسلام أحب إليك من العيش في الدنيا في ذل.. فامض على بركة الله واستعن بالله..إن يقتلك إيمانك بالحق مُتَّ شهيداً، وإن عشتَ عشتَ حميداً؛ فقوى قلبك. وإن كنت تحب الله فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل.

فبسم الله أغزوا وعلى ربك توكل.

ما كان في الإسلام عزّ يُجتبـى إلا وأخـا الصـارم المسلـولا

من بين أمة أحمـد وجميعهـم أنت الذي شقّ الجهاد سبيـلا

والمجد لو كان ورودا تُجتبـى لقطفتها فجعلتها إكليـلا

فلسوف يزهو في جبينك عاليا لا يبتغـي عـن حالـه التبديلا

ولسوف يضحك تائها متبخترا ولسـوف يرقص بكرة وأصيلا

يا حارسَ الأقصى فديتك،أمّتي تهــدي إليك الحبّ والتبجيلا

وتحية زهراء تنطق بالوفـا وتقبّل الرجلينَ منـك طويـلا

فلئن بقيـت لتبقيـَــنّ مباركا ولئـن رحلـت لتصنعـنّ الجيلا

أيها المجاهدون الكبار الكبار، ولو كان بعضكم في العمر صغاراً.. أنتم الرمز الحقيقي والمعنوي الأصيل، ما أعظم جهادكم فهو لله وما أروع تصديكم وأكبر مقاومتكم!.. اثبتوا يا أيها المجاهدون.. اثبتوا يا إخواننا على الجهاد.. اثبتوا يا إخواننا فوراء الثبات استعلاء بحق.. وراء الثبات نصر بفضل الله تعالى..

اثبتوا يا إخواننا أيها المؤمنون اثبتوا يا شبابنا اثبتوا يا أبنائنا فالله معكم ونسأل الله أن ينصركم..وهذا النصر الكبير الذي حققتموه هلل له المسلمون وكبروا في كل فلسطين وخارج فلسطين ممن يتابعون أخباركم الطيبة، فلستم أنتم الوحيدون الذين هللوا وكبروا لهذا النصر المبين وفرحوا به.

 أيها المجاهدون الأبطال:

دم بدم وهدم بهدم ورعب برعب فلتنطلق كل الأذرع الفاعلة في كل مكان لتضرب في عمق العمق، لتذيق العدو وبال أمره، وليعلموا أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار.وأعلموا قادة العدو اللعين وكل أنجاسه أن أيامه باتت معدودة, وأذيقوهم كأس الذلة والبوار والموت الساحق بإذن الله تعالى..

وليكن عهدكم بألا يعرفوا للأمن سبيلا ولتتحول شوارعنا إلى مقابر، ورؤوسهم إلى نثار، وعيونهم بالدم بحارا وبحار.. قولوا لهم نحن نحب الموت في سبيل الله.. ونسعى إليه وأجساد مجاهدينا الطاهرة ستلقن دولة المسخ درسا لن تنساه أبدا.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أيها المجاهدون في فلسطين:

 بوركتم جميعاً يا إخوتنا في فلسطين، وإني أقول لكم: توجهوا إلى الله بصدق، وإلى إخوانكم بصدق، وإلى أنفسكم بصدق حتى تكون المقاومة خالصة لوجه الله، وفقكم الله، وأيدكم الله. وأنت أيتها الصهيونية المجرمة أسأل الله عز وجل أن يُرِيَك يوماً يجتمع فيه المسلمون ليحاسبوك حساباً عادلاً، وأظن أن حسابك العادل هو إخراجك من فلسطين لأن فلسطين ليست أرضك، لأن فلسطين هي أرض العرب والمسلمين، أسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على ما يرضيه يا رب العالمين.

 أيها المسلمون في فلسطين أيها المجاهدون.. لا تيأسوا، إنّ المستقبل لنا، وسنسترد فلسطين، سنستردها، والله الذي لا إله إلا هو، كما استرددناها من قبل.. وها هي قد صغرت ما يسمونه إسرائيل أكثر لما بدأت هذه (الانتفاضة) مجاهدون بأسلحة متواضعة يقاتلون جيشا يملك أعتى وأقسى ما أوحى به الشيطان إلى أوليائه من وسائل القتل والتدمير والهلاك..

حسبوا الانتفاضة فورة حماسة تستمر ساعات ثم تخمد، فإذا بها تستمر سنوات لا تزداد إلا قوة نحن لا نبغي عدواناً، ولا نطلب باطلاً، إننا نطلب الحق، وسنجاهد إن لم نعط الحق.

نحن نجاهد لا بغياً ولا ظلماً فلا ينصر الله ظالماً، ولكن دفاعاً عن وجودنا فوق أرضنا وعن أنفسنا وأهلنا وعن الحق. نحن نجاهد دفاعاً عن عزتنا وكرامتنا وكرامة المسلمين.

اعلموا أنّ أجدادكم المسلمين ما فتحوا الدنيا ولا حازوا الأرض بكثرة عددهم ولا بمضاء سلاحهم، فأعداؤهم كانوا أكثر عدداً، وأمضى سلاحاً، بل لأنهم كانوا مع الله فكان الله معهم..

فكونوا مع الله وتوكلوا عليه وحده. وكونوا جميعاً جنود الله في المعركة الحمراء، فهذه بشائر قد بدت لكم، وهذا هو فجر يومكم الجديد قد انبلج فاصبروا فالنصر لكم:(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)..

الله أكبر..الله أكبر.. الله أكبر..

هذا هو هتافنا في حربنا، ونداؤنا لصلاتنا، ودعاؤنا بين يدي ربنا، فكونوا مع الله، ولا تخشوا شيئا، لأنّ (الله أكبر) من اليهود وممن يشد أزرها. إن كنتم مؤمنين بأنكم تدافعون عن حقكم، فلن يغلبكم أحد.. فاصبروا قليلا فالزمن في صالحكم أيها المجاهدون.. واخرسوا قليلا أيها المنافقون المخذلون المثبطون القاعدين مع الخوالف.

 أيها المجاهدون إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم ولا نظنكم أبدا من أولياء الشيطان فلن تخافوهم أبدا وحتما أنتم من تخافون الله لأنكم أنتم المؤمنين. نعم أنتم المؤمنون. وغيركم الله أعلم بهم وبأحوالهم.

فالثبات الثبات:(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) محمد:35. واعلموا أن الله ولن يضيع جهادكم وصبركم إن شاء الله تعالى.

الدعاء.. الدعاء.. الدعاء:

 أيها المجاهدون، وأيها القادة.. إذا كنتم أنتم في الميادين والثغور, فالمسلمون في كل مكان معكم في المحاريب والدور, يزودونكم بالدعاء ويقولون:كما قال الله تعالى:

(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)  الأعراف:129.

 اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن لا تجعل للكافرين والمنافقين على المجاهدين والمؤمنين سبيلاً..

اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس..

اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع اليهود والصليبيين أهل الكفر والفسق والعناد، وانشر رحمتك على العباد، واجعلها بلاغاً للحاضر والباد..

اللهم لِمَن تترك عبادك المجاهدين في فلسطين؟ إلى عدو خبيث ملكته أمرهم، أم إلى قريب خسيس يتجهمهم ويسخر منهم، اللهم إن لم يكن بك غضب عليهم فلا يبالوا، ولكن رحمتك يرجون، وعافيتك يطلبون، فلك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…

اللهم انصر المجاهدين في فلسطين وسدد ضرباتهم ومكن رميتهم من رقاب يهود.. وثبت أقدامهم وأنزل السكينة على قلوبهم..

اللهم أيدهم بجنود من عندك.. اللهم مكنهم من قتل جند يهود.. وتدمير سلاح يهود.. وأسر جند يهود..

اللهم دمر اليهود تدميرا اللهم شل أطرافهم وجمد الدماء في عروقهم.. اللهم اهزمهم شر هزيمة.. الله أكبر والنصر للإسلام..

والحمد لله رب العالمين.

من د. صالح الرقب

أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين