د. عبد العزيز كامل

وكأنه صوت من الدار الآخرة.. فاسمعوا يا شعوب وحكام الجزيرة!

من أخطر نتائج زيارة الصليبي الصهيوني (بايدن) لمدينة جدة الواقعة ضمن منطقة مكة المكرمة المحرمة على الكافرين؛ أن حكام جزيرة العرب حطموا خلالها حماها، وفتحوا حدودها، برا.. وبحرا.. وجوا.. أمام كل أصناف الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين.

وقد كان هذا أمرا قديما ..لكن الجديد فيه أن (ولاة الأمريكان) الحاليين؛ فتحوا أمام اليهود مصاريع أرض الحرمين بعد طول تمنع سياسي ودبلوماسي، في خطوة تطبيع بلهاء خرقاء عاجلة، سبقت الإعلان الرسمي عن وقوع النازلة، المتعلقة بفتح كل الحدود أمام عتاة النصارى وطغاة اليهود ..

 حدود جزيرة العرب المقصود إخراج المشركين منها في الأحاديث؛ تشمل كامل شبه الجزيرة التي يحيط بها البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، وتنتهي شمالا إلى أطراف الشام والعراق اللتين كانتا تمثلان طوال التاريخ الإسلامي سياجا واقيا لأرض الحرمين الشريفين  ولهذا أعان اليهود والنصارى أولياءهم من شيعة الفرس والعرب على اجتياحهما، تمهيدا لاستباحة الجزيرة بعدهما ..

فما ما حكم  تمكين المغضوب عليهم والضالين من القدوم والمقام في أرض الحرمين؟

بطبيعة الحال لن نسمع من أحد من الأحياء بالمملكة السلمانية اليوم من سيتكلم عن هذا أمام الناس، بعد أن حيل بين  أحرار العلماء والدعاة وبين جماهير الناس، بالسجن أو المنع أو القمع!

لم يبق إلا سماع فتوى من غادروا إلى دار البقاء، آمنين من البطش في دار الفناء..

وهذا نجده في جواب عن سؤال قدم منذ عقود إلى بعض من خلد ذكرهم في سير  أعلام النبلاء المعاصرين.. فكانت الإجابة التي قدمت لشعوب الجزيرة كلها، بل للأمة بأسرها، وليست خاصة فقط بحكامها ..

فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله: عن معنى روايات الحديث  الصحيح (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)  

فأجاب رحمه الله  نصا:

«يجب أن يعلم أنه لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة، لا من النصارى، ولا من غير النصارى، لأن الرسول أمر بإخراج الكفرة من هذه الجزيرة، وأوصى عند موته بإخراجهم من هذه الجزيرة، وهي اليوم المملكة العربية السعودية واليمن ودول الخليج، كل هذه الدول داخلة في الجزيرة العربية، فالواجب ألا يقر فيها الكفرة من اليهود، والنصارى، والبوذيين، والشيوعيين، والوثنيين، وجميع من يحكم الإسلام بأنه كافر لا يجوز بقاؤه ولا إقراره في هذه الجزيرة، ولا استقدامه إليها إلا عند الضرورة القصوى، كالضرورة لأمر عارض ثم يرجع إلى بلده، ممن تدعو الضرورة إلى مجيئه أو الحاجة الشديدة للقدوم  إلى هذه المملكة وشبهها كاليمن ودول الخليج .

أما استقدامهم ليقيموا بها فلا يجوز، بل يجب أن يكتفي بالمسلمين في كل مكان، وأن تكون المادة التي تصرف لهؤلاء الكفار تصرف للمسلمين، وأن ينتقي من المسلمين من يعرف بالاستقامة والقوة على القيام بالأعمال حسب الطاقة والإمكان، وأن يختار أيضا من المسلمين من هم أبعد عن البدع والمعاصي الظاهرة، وأن لا يستخدم إلا من هو طيب ينفع البلاد ولا يضرها ، هذا هو الواجب ، لكن من ابتلي باستقدام أحد من هؤلاء الكفرة كالنصارى وغيرهم فإن عليه أن يبادر بالتخلص منهم وردهم إلى بلادهم بأسرع وقت»

 انتهى النقل من فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (6/454) وهي في موقعه على الشبكة

حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية الشيخ ابن عثيمين 

وسئل أيضا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية؟

فأجاب:

«استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية أخشى أن يكون من المشاقة لرسول الله حيث صح عنه كما في صحيح البخاري أنه قال في مرض موته:

(أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)

وفي صحيح مسلم أنه قال: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً).

لكن استقدامهم للحاجة إليهم بحيث لا نجد مسلماً يقوم بتلك الحاجة جائز بشرط أن لا يمنحوا إقامة مطلقة.

وحيث قلنا: جائز، فإنه إن ترتب على استقدامهم مفاسد دينية في العقيدة أو الأخلاق صار حراماً، لأن الجائز إذا ترتب عليه مفسدة صار محرماً تحريم الوسائل، كما هو معلوم.

ومن المفاسد المترتبة على ذلك: ما يخشى من محبتهم، والرضا بما هم عليه من الكفر، وذهاب الغيرة الدينية بمخالطتهم. وفي المسلمين ـولله الحمدـ خير وكفاية، نسأل الله الهداية والتوفيق»

انتهى كلامه .

مجموع فتاوى ابن عثيمين (3/41) .

فرحم الشيخين..فقد بلغا ولم يكتما..وجهرا بالحق ولم يداهنا.. فرفع الله قدرهما وغفر لهما، ويسر أسباب حماية مهبط الوحب بعدهما..