العصابات أنواع وأصناف ثلاثة: عصابة ثقافية وعصابة سياسية وعصابة اقتصادية..

وهناك عصابة أخرى هي أم العصابات، هي خلاصة العصابات هي عصابة العصابة.

هي العصابة التي تحمي كل العصابات وتخطط لها لتدوم وتنتشر وتغزو كل الميادين.

هي العصابة التي لا يهمها الفساد والمغانم التي تحصلها لنفسها، إنما يعنيها أن ينتشر ذلك الفساد في كل الأوساط والميادين فيصبح عادة وقانونا.

والفساد الذي يعنيها ليس هو الفساد المالي، بل يعنيها كل أنواع الفساد: الفساد الأخلاقي والفساد الديني والفساد السياسي وكل أنواع الفساد.

ويعنيها كذلك أن يبقى هذا البلد ضعيفا واهنا موهونا صغيرا في اقتصاده وفي ثقافته وفي نهضته.

ويعنيها أن يبقى هذا البلد مرتبطا بالوطن الذي تعدّه وطنا أما لا أم لها غيره ألا وهو فرنسا.

ولا يهم عصابة العصابة من ينهب، ولا يهمها من يحكم، ولا يعنيها من يسرق، لكن يعنيها أن يستمر النهب والسرقة وأن يكون الحاكم فاسدا مفسدا وأن تستمر كل البرامج التي سطرها الاستعمار لهذا الوطن.

إن القضاء على عصابة العصابة يتطلب منا مليون خطوة، لكن الخطوة الأولى هي الأهم والأعظم والأجل والأوجب لأنها خطوة تحديد العدو ومعرفة قوته وخططه وأساليبه وتعيينه بالأصبع للناس حتى يعرفوه ويحذروه.

وتعيينه للناس هو تعيين فكرته التي قد تنتقل من شخص الى شخص ومن جماعة إلى جماعة ومن عصابة إلى عصابة.

فنحن حين نحارب العصابة الأولى فإننا نحاربها لأنها فاسدة ونحاربها لأنها تحمل فكرة عصابة العصابة. فإذا انتقلت الفكرة إلى جماعة أخرى فإن الجماعة الأخرى تتحول كذلك إلى عصابة فاسدة وحاملة لفكرة عصابة العصابة.

ولذلك فإن قوى الاستكبار في العالم تسارع إلى التبرؤ من الحلفاء المحليين الفاسدين إذا رأت أن التمسك بهم يشكل تهديدا للفكرة والخطة. ما يهمهم هو الخطة لا من ينفذها.

إن معركتنا الأولى والأخيرة هي معركة استقلال واستعمار ووعي ويقظة ورأي عام و«صراع فكري في البلاد المستعمرة».

رحم الله مالك بالنبي وأجزله عنا خير الجزاء، فهو الذي فتح عيوننا على ما لم نكن نرى.

د. علي حليتيم

من د. علي حليتيم

كاتب جزائري، ومدير مركز الشهاب للدراسات والبحوث