في وسط الأحداث التي تتلاحق يسأل سائل: ما قصة مسيرة الأعلام؟ ولماذا تعد حدثًا يمكن أن تشتعل بسببه الأوضاع؟

تبدأ القصة سنة 1967 عندما استهدف العدو الصهيوني مدينة القدس ودكَّها بالمدافع حتى ظن أنه قضى على أهلها، فلما انفض غبار المعركة وإذ بأهلها ثابتون مرابطون، فبدأ العدو في تهويد المدينة، وشرع في طمس معالم المدينة المقدسة من مثل المقابر والمساجد والطرقات.

في عام 1969 تم إحراق المسجد الأقصى، وفرض العدو سياسةَ منع أعمال الصيانة الدورية في المسجد.

في عام 1990 قامت جماعة أمناء جبل الهيكل بمحاولة وضع حجر الأساس لما يُسمَّى بالهيكل الثالث في ساحة المسجد الأقصى، فهبَّ المصلون للدفاع عن المسجد، وانتهى الأمر بمذبحة استشهد فيها 21 مصليًا رحمة الله عليهم.

في سنة 2000 دخل شارون المسجد الأقصى فاندلعت الانتفاضة الثانية، ومن ثم قُيِّدت حركة وصول المصلين للمسجد الأقصى مع شروطٍ تُضَيِّق وتُذِل.

بعد الانتفاضة اعتمد العدو سياسة إبعاد مئات المقادسة عن المسجد الأقصى وإلغاء الرباط فيه، وهذا من أشد الأمور على أهلنا المقادسة هناك.

في السنوات الأخيرة قرر العدو تقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا؛ ليكون ذلك خطوةً على طريق التهويد الكامل للمسجد الأقصى.

والتقسيم الزماني يكون بتقاسم ساعات اليوم والأسبوع والسنة بين المسلمين واليهود؛ فللمسلمين أوقات الصلوات الخمس، ولليهود ساعات الصباح وما بعد الظهر والعصر.

وأما التقسيم المكاني فيعني تقاسم أرض المسجد الأقصى؛ فالمسلمون لهم المسجد القبلي فقط، ولليهود صحن قبة الصخرة والجهة الشرقية من المسجد.

ومع فشل التقسيم الزماني والمكاني بدأت فكرة في مسار جديد تتمثل في التأسيس المعنوي للهيكل، من خلال أداء كامل الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى وكأنه الهيكل المزعوم، ليكون ذلك بمثابة مقدمة لفرض التهويد الكامل.

وفي العام الماضي عام 2021 تنادوا يوم العاشر من مايو الذي يعدونه عيدًا وطنيًّا لإحياء ذكرى استكمال السيطرة على القدس ومن ثم معركة سيف القـ.ـدس.

أطلق العدو على تاريخ احتلال القدس 5-6-1967 يوم القدس، وبحسب التقويم العبري فإن يوم غد الأحد 29-5 يصادف يوم القدس.

والحدث المركزي في هذا اليوم رقصة الأعلام التي تقام وقت الظهر، علمًا بأن طقوس الاحتفالات بدأت سنة 1974.

ويتم الرقص في باب العمود، ثم يتم اقتحام البلدة القديمة تحت حماية الشرطة، وصولًا إلى حائط البراق حيث يقيمون الرقصة الأخيرة.

يريد الشعب الفلسطيني عامة  مقاومته والمقادسة خاصة منع المسيرة واقتحام البلدة القديمة وإنهاء هذه المهزلة، ويرى العدو أنه لا بد أن يمضي في طريقه، وأنه إن لم يفعل فهو العار والصغار الذي يحيط به من كل جانب، ولهذا فهم مصرون على تنظيمها.

ومفاد ما يريده أهلنا في فلسطين هو أن المسجد الأقصى خطٌّ أحمر، وأن مسيرة الأعلام لن تمر.

من د. محمد الأسطل

من علماء غزة وفقهائها