-1-

يأتي رمضان -في العشر الثانية- ليذكر الناس بضرورة السعي والاجتهاد للوصول إلى المغفرة.

 وتدور مادة (غ ف ر) حول معاني الستر والعفو والصفح والتجاوز عن الخطأ.. وتميز اللغة العربية-في هذه المادة-بين ثلاث كلمات: (مغفرة-وغفران-واستغفار).

والمغفرة : تكون من الله.

والغفران: يكون من الله للإنسان، ومن الإنسان لأخيه الإنسان.

والاستغفار: هو طلب المغفرة من الله للنفس أو للغير.

-2-

ومن هنا نتصور طبيعة المغفرة في المجتمع الإسلامي:

أنها مغفرة تكليف ومغفرة الهام ومغفرة توبة وإصلاح -والمغفرة-في الدلالة القرآنية- تقابل العذاب وهي قرينة الرحمة.. ويتكرر في القران الكريم اقتران اسم الله الغفور باسم الله الرحيم -والمغفرة في الثقافة الإسلامية- صفة من صفات الجمال الإلهي.. ومن صفات الاكتمال الإنساني، لأنها تتطلب مجاهدة عالية للنفس وكبح شهوة الانتقام والترفع عن الصغائر والتجاوز عن الزلات والأخطاء وشفاء الصدور من أثر الإساءة والإيذاء.

 -3 –

ومع هذا فان المغفرة ليست مجرد قيمة أخلاقية وإنما هي أداة للإصلاح الاجتماعي تعمل علي رأب الصدع وجبر ما انكسر..

ووصل ما انقطع من علاقات وصلات.. أن ها تشكل -مع الرحمة- ضلعين من أضلاع مثلث العطاء والإحسان (والضلع الثالث هو الحلم والصبر)..

 والغفران والاستغفار في الأبعاد الثلاثة: مع الله.. ومع الناس.. ومع النفس في مواجهة حالة المعصية والعناد والاستكبار..

ولينقل العلاقات الاجتماعية من وضعية (الخطأ والإساءة) إلى وضعية (التوبة والإصلاح)..

ومن وضعية (التوبة والإصلاح) إلى وضعية (الجود والإحسان).

-4-

ويبقي التساؤل: كيف نغرس ثقافة الرحمة والمغفرة في قلوب ونفوس الأجيال الحالية؟؟

هل لدينا خطة واضحة المعالم لانجاز ذلك؟وهل لدينا تصور لشكل الحياة في مجتمعنا عندما تختفي منه مظاهر الرحمة والمغفرة؟؟ لا قدر الله .

د. محمد قاسم المنسي

من د. محمد قاسم المنسي

أستاذ الشريعة الاسلامية، ووكيل كلية دار العلوم السابق بجامعة القاهرة