لم يعد يظهر على الساحة العملية في الجزيرة العربية، عالمٌ واحدٌ موحدٌ، أو عالمٌ يشهد أن لا إله إلا الله بمدلولها الحقيقي.

فالعلماء الربانيون المشهود لهم بالصدق والأمانة، إما معظمهم في السجون، ووراء القضبان، أو قسم منهم – إن كانوا موجودين – في بيوتهم قاعدون ، يتحنَّثونَ ، ملتصقون بالأرض، لا يتجرؤون أن ينبسوا ببنت شفة.

وبقي حثالة، وفًضالة، ونِفاية، وقمامة المخلوقات البشرية.. والتي تطلق على نفسها، ألقاب العلماء، والدعاة ، زوراً وبهتاناً..

تسرح، وتمرح، وتعيث في الأرض فساداً.. وتشتري لعاعة الدنيا، وقاذوراتها، وأوساخها، بكرامتها، وعزتها..

وتريق ماء وجهها، متذللة، مهينة لذلك الغلام.. الذي لا يزال يحبو في سفح السياسة الجاهلية. 

لقد بقي شراذمُ، ورويبضاتُ، وأوشابُ المخلوقات البشرية، التعيسة، البئيسة،

أمثال: هذا المدعو (القرني) الذي احتفى بالأمس في افتتاح قصره المنيف في الرياض،

والذي شيده بالمال الحرام، أو بأعطيات من ذلك الغلام، لقاء تقديمه فتاوى توافق هواه.

علماً – لو كان مثقال ذرة من عقل – لن يعش فيه إلا سنوات معدودة.. ثم ينتقل إلى حفرة لا تزيد مساحتها عن مترين مربع.

هل تستحق هذه الحياة، حتى ولو كان عدتها ألف سنة، أن يعيشها إنسان، بالذل، والهوان، والخنوع، والخضوع، والاستخذاء للحكام الفجرة الكفرة؟!

ثم في الآخرة يُقال له: (خذُوه فَغُلوه * ثمَّ الجحيمَ صَلُّوه * ثمَّ في سلسلةٍ ذَرعُها سبعون فاسلكُوهُ) الحاقة 30-32.

ومسألة اختفاء العلماء الربانيين من الوجود.. ليست خاصة بالجزيرة العربية، بل هي عامة في كل البلدان التي كانت تسمى إسلامية..

وهكذا فإن الدهماءَ، والرُعاعَ، والغوغاء من أخلاف المسلمين، لا يجدون الآن إلا الجهلة، والسفلة،

ممن يطلقون على أنفسهم علماء، ليتعلقوا بأذيالهم..

كما ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو

(حتَّى إذَا لَمْ يبْقِ عَالِمًا ، اتَّخَذَ النَّاسُ رؤُوسًا جهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا) .