يسعى المسلم للنجاة عند ربه تعالى أولا ومن ثم يدعو غيره مع إصلاحه لنفسه.

 

فإصلاح النفس أوجب الواجبات فقد أتينا وحدنا ونغادر الدنيا وحدنا ونبعث يوم القيامة وحدنا.

 

ولن يضيرنا إن هلك الناس إن نجونا ولا كذلك لن يفيدنا إن نجا الناس وهوينا.

 

هذا بالطبع عند لقاء ربنا حين يلقى أحدنا حسابه مع ربه ليس بينه وبين الله تعالى حجاب ولا ترجمان.

 

فالسعيد يومئذ من نجا والخاسر من حوسب يومها حسابا عسيرا.

 

ومع ذلك فمن تلبيس الشيطان أن يشغل الإنسان بنفسه وبحاله وحده  دون نظر لغيره وتعهد لأحبابه وأهله أولا فهم أولى الناس به حيث هم عشيرته الأقربون الذين قد يتعلقون برقبته يوم القيامة إن ترك نصحهم.

 

أو أولئك الذين بإمكانك أن تنتفع بدعوتهم من البشر كلهم مسلمهم وكافرهم…مهتديهم وضالهم وتلك وظيفة الأنبياء ومن تبعهم بالإحسان إلى يوم الدين.

 

ويا لها من مهمة شاقة ومفيدة في آن واحد.

 

لأن كل من دعوته فقد ساهمت في إصلاحه إن انصلح.

 

وبذا تساهم في نهضة المجتمع بأسره إن تشكلت كتلا من المؤمنين الصادقين فتنصلح بهم الأحوال وتهتدي بهم الدنيا ويرجحون كفة الخير على كفة الشر التي وراءها شياطين الإنس والجن.

 

فتقوم بذلك حجة الله تعالى على خلقه ونكون بذلك لبنة في صرح الخير.

 

ولفض الاشتباك بين ما ذكرناه الآن من العمل للخير وللدعوة وبين انشغالنا بصلاح حالنا ونجاة أنفسنا هو أن الإنسان يجب عليه الاعتناء بنفسه وبنجاته عند الله تعالى  ويجب أن يدرك أن أحد أسباب نجاته أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فذاك من ضمن أسباب نجاته الشخصية إذن وهو وجه الارتباط بقيامه بوظيفة الأنبياء وهي الدعوة إلى الله تعالى ومع ما يمثله ذلك من شكر المنعم على نعمة الهداية بأن يشيعها بين خلق الله تعالى.

 

فمن أراد النجاة فعليه أن يصلح الآخرين بما يقدر عليه وليجتهد في ذلك وبعدها لا يضره من ضل إن اهتدى ولا من زاغ وقد نجا.

 

وقد أدى ما عليه وأقام حجة الله تعالى على خلقه وسعى حثيثا ليكون الخلق يعبدون ربهم ويسعدون بشرعه من غير تهاون ولا غلو.

 

وربما يحتار البعض كيف أبدأ وبم أدعو وكيف أصلح نفسي وغيري؟

 

وهنا نقول: ابدأ بالواجبات أولا قبل السنن والنوافل والمستحبات.

 

هذا نبراس مهم انظر ما هي الواجبات عليك وعلى غيرك فاستقم عليها وادع الناس إليها وهي كثيرة ومتنوعة فاهنأ بها وأسعد غيرك بإحسانها يكن فيها النجاة.

 

وبعدها ستتجمل بنوافلها وهي غالبا من جنسها فالصلاة فرض يجب الحرص عليها ونوافلها من جنسها.

والزكاة فرض واجبة ونوافلها في الصدقات على اختلافها وتنوعها.

 

وقل مثل ذلك في الأخلاق والصفات.

 

وعموما دعنا نتذكر دائما أنه:

 

لن تنجح الدعوة أبدا إلا إذا صلحت العقيدة للداعي أولا ومن ثم لغيره من المدعوين فصحة العقيدة ضرورة حيث لا يقبل الله تعالى العمل الذي فيه شيئ من الشرك فهو سبحانه غني عن ذلك فهو أغنى الشركاء عن الشرك.

 

هل تثمر الدعوة في قوم رضوا بالتحاكم لغير الشرع وتسربت العلمانية إلى نفوسهم؟

 

هل تصلح الدعوة إن تغاضينا عن طواف بعض المدعوين بالقبور وإنزال الحوائج بساكنيها؟

 

وفي نفس الوقت لا تفلح الدعوة أيضا إن كان المدعو مقصرا في  العبادة..

 

قل لي بالله أيصلح أن نعد المدعو ملتزما بالدعوة لمجرد تعاطفه وإظهار بعض استجابته وهو مثلا لا يزكي أمواله فضلا عن أن يكون مقصرا في صلاته أو تاركا للحج تهاونا مع استطاعته؟

 

وبنفس النهج لا تفلح الدعوة أبدا إن لم نعشها واقعا تطبيقيا في حياتنا أخلاقا والتزاما وصفاتا: نشيع الأمن والأمان فالمؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم.

 

وتفلح دعوتنا والتزامنا يحب الناس سمتنا وصفاتنا وأخلاقنا بلين الكلام وصلة الأرحام وصدق الوعود وبوجه طليق وبابتسامة صادقة ونصيحة مخلصة وحسن جوار وببذل للناس بما نقدر عليه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

 

فالله الله في تلك المسؤولية وأنقل هذا رغم تقصيري إشاعة للخير: هدانا الله تعالى وإياكم سواء السبيل آمين.