د. ياسر عبد التواب

قال الله تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله ما يشاء} (آل عمران).

وكأن الآيات تنزل علينا الآن لتكشف لنا جانب الحكمة من تأخر النصر: حتى يميز الله تعالى الخبيث من الطيب.. كي لا يكون ثمة فضل للأدعياء.. كي يصطفي الله تعالى من شاء من المحسنين ومن الشهداء.

ليهلك من هلك عن بينة..ويحيى من حي عن بينة.

ليعُلم من رجال المبادئ والولاية والصدق حقا من المتلونين والكذابين والخبثاء وتجار الدين.

رجال حقا -ونساء- صدقوا ما عاهدوا الله تعالى عليه ولن يخذلهم الله تعالى أبدا، مهما حاول المفسدون نسج الأساطير عن قوة أنفسهم وأنها لا قبل لغيرهم بها.

قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران:175).

فإن الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه ويضخم حجمهم ويقوي من شأنهم ؛ كما يخوف من والاه حتى لا يتنكب سبيله فيتوب ؛ فيذكره لذة المعاصي ويخوفه من مفارقتها وفواتها ؛ ويخوفه بتجنب الناس له إن صار من التائبين؛ ويخوفه حتى من تسلط أعداء الله عليه وطلبهم أذيته وما يشق عليه؛ ويخوفه من مشقة التكاليف الشرعية على نفسه ومن إحقاقه للحق إن استبان له وجهه.

يقولون: لا فائدة مما تفعلوه وارضوا بالأمر الواقع والحلول الوسط والتي غالبا هي رغبات الأطراف الأخرى دون تنازل يذكر.

ويقولون: لا تحلقوا بالخيال ارضوا بما تتركه لكم الأنظمة الغادرة ولا تفكروا في إقامة العدل وإحقاق الحق فإن دون ذلك “خرط القتاد” كما يقال.

وحين يتململ المقتول فينظر شذرا إلى قاتله.. وحين يصرخ المكلوم.. يسارعون بتخويفه بأن هذا ليس في مصلحته وسوف يلقى أشد العقاب من قاتله.

نفس المشكلات ونفس المقولات ونفس الدرود.

نكررها في فلسطين المحتلة.. وفي مصر وفي سوريا أو العراق أو أي بلد فيه معضلات بالشرق أو الغرب.

ألم يكن أولى بكل عاقل في الأمة أن ينصرهم وأن يبادروا بتلطيف الأجواء وضبط الأحداث بدلا من فتح أبواب الجحيم بمعاداة جزء من الشعب بأكمله ومن ثم تتحمل الدولة تبعية هذه العداوات التي تزرعها بعجرفة وغرور القوة.

ويظنون أن الأمور تحت السيطرة وينسون ان ردود الأفعال تأتي تباعا وأن الشعوب أبقى وأقوى من حكامها ولسوف يذوق كل من آذاها سوء المصير ولن ينفعهم الردع المؤقت ولا التشويش أو التدليس الذي يقومون به.

نشرت هذا من سنة وهو مطابق لواقع اليوم!