عندما كنت صغيرة، كنت أفضل أن أبقى وحيدة على أن أتنازل عن ما أراه صوابا، فأمشي وحدي، وآكل وحدي، وأذاكر وحدي، وأرافق نفسي، فإن رأيت فيمن تتقربن مني تشابها في نقاط رئيسية أقبل على صداقتهن وأغزل علاقاتي معهن على مهل، وأحرص أن أقترب عندما أتوافق وأبتعد قليلا عندما أختلف، كانت أهم قاعدة عندي عندما أسمح بالصداقة هي أن أتثبت من حرص الصديقة على الاستمرار،

وإذا اكتشفت فيما بعد أن الصديقة لم تكن كذلك، وأنها تتلون، فلا أخاف من أن أتراجع اقترابا نحو صديقات أخريات، فإن لم أجد فلا أشعر بضرر في أن أجد لي ركنا منعزلا في الحياة حتى أقيم وأراجع وأتثبت وأجد موجة صداقة جديدة، وغالبا تأتيني هذه الموجة في الوقت الذي أزهد فيه في التعامل والتواصل.

لماذا أحكي لكم هذه الذكريات،

أرى أن الحريصين على الاصطفاف مازالوا يحومون حول الفكرة رغم إثبات فشلها مرات ومرات،

لا تخافوا البقاء وحيدين في هذا العالم،

لا تستطيعوا الآن أن تحصلوا على شعبية بين الرفاق،

لا يهم،

لا تضع نفسك أبدا كأحد الخيارات طالما تعلم أنك الخيار الأفضل، وهذا ليس من باب الغرور بل من باب تقدير الذات الصحي السليم،

قدمت، وضحيت، وصبرت، وتواجدت،

وأنكر الرفيق، وظن فيك السوء، وخذلك،

بل أعلن في مواضع كثيرة أنه لا يريدك، لا يرغب فيك،

يفضل عدوك حتى لو أذله،

فلماذا تتخيل أن من طعنك لديه رغبة في أن يداويك؟

لماذا تتصور أنه ذبحك وهو غائب عن الوعي؟

قلت من قبل أن السياسة تجارة،

وبما أنك تملك البضاعة الأفضل،

فلا تبخس سعرها،

يوما ما سيأتي من يثمنها ويوفيك حقك،

وحتى ذلك الحين،

استمتع بوحدتك، بتميزك،

بنعمة أن فضلك الله على كثير من الخلق،

وعلمك من تأويل الأحداث ما لم تكن تعلم.