صفوت بركات

في اليوم العاشر من الشهر الثالث للعام الرابع عشر في الألفية الثالثة سطرت أناملي هذا السطور والتي جاءت تحت العنوان التالي: «السنة بمصر بعد الانقلاب العسكري»

مستقبل السنة بمصر اليوم محفوف بالمخاطر والمخاطر التي لا تضاهى مخاطر الفاطميين فقط اليوم،

لأن من انقلب على الحكم السني بمصر من القوميين المصريين لأنه يعانى من ضعف شديد ولأن القوميين في أشد ضعفهم، مما يجعلهم في حاجة دائمة للنصارى، وليس كل النصارى من أشدهم تطرفا وأصحاب الأطماع والخطط المرتبطة بالخارج وأصحاب التمويل المالي الوفير.

وفى ظل ظروف ضعف الموازنة والموارد المالية للدولة وتهاوى الاقتصاد المصري والنكاية في الإسلاميين بسبب تصدرهم المشهد السابق وبعد الثورة مما سيجعل استيلائهم على الأراضي والتحكم في عصب الاقتصاد واكتساب مراكز قانونية، التخلص منها فيما بعد سيكون تكلفته باهظة وعظيمة الضرر،

وهو ما سيجعل ظلهم على تغيير المناهج التعليمية والتحكم في الخطاب السني في كل المؤسسات مهادن، وكذا شراستهم في الإعلام، لتبديل قيم المجتمع والتحكم في كل شيء،

وكذا الصهاينة، وليس الصهاينة فقط، بل أشدهم غلوا وتطرفًا، بسبب الحاجة للتعاون الأمني وتفادى خطر أطماعهم في مصر، مما سيجعل البلد خاضعة للإملاءات، وليس لهم خصومة مع العلمانيين.

ولكن خصومتهم مع المصحف وسورة الإسراء وفاتحة الكتاب والبقرة وأل عمران والمائدة والتوبة والأنفال..

وكذا الشيعة الحليف القادم بسبب الهزائم التي ستجتاح المنطقة في غضون شهور بسبب أزمة أوكرانيا، وما كشفت به الغطاء الغربي والانهيار الأمريكي،

وانفراط عقد السنة بمصر لجماعات وأحزاب وعدم التوافق على حد أدنى من مرجعية موحدة، فضلا عن ضعف مؤسسة الأزهر، وخيانة فصيل ليس بالهين، بالرغم من ضعفه اليوم في التأثير.

فبعد افتضاح خيانته لم يعد له تأثير حتى في عودة اللحمة للسنة بمصر، وكذا أخطاء التيار الإسلامي كله بقدر ما، بسبب غياب الرؤية الإستراتيجية للعالم واستشراف المستقبل والتخطيط الطويل الآماد.

وكذا عدم الاكتراث بحجم الضعف والتحولات في النظم العربية القديمة وتبعيتها لليهود والخضوع التام للشركات المتعددة الجنسيات والأدوار الوظيفية لهم في المنطقة والتي تعمل في حفظ عروشهم فقط.

غياب رأس ومرجعية سنية ومخاطرها

لم يشهد العالم الإسلامي مخاطر كاليوم والسنة في القلب منه

كل المعطيات في أوكرانيا تصب في صالح إيران، ضعف أوربا وأمريكا وقوة روسيا في ملف القرم سينعكس على سوريا، وروسيا تلعب على إظهار ضعف الغرب في الوفاء بضماناته لأوكرانيا، والتي ضمنتها لهم بعد 1994،

وبناء عليها جردتهم من كل مظاهر القوة النووية وغيرها، واليوم تقف عاجزة وهى تجربة عملية تجرى بأوربا ورسائلها كلها موجهة لإيران، لإفشال مباحثاتها مع الغرب على النووي، وهو يصب في مصالح روسيا،

والتي تسعى لتفجير حرب شاملة في الشرق الأوسط، ليتوقف ضخ البترول والغاز منها لتنفرد روسيا بالغرب بسوق لغازها وبترولها، لترد روسيا الصاع للغرب، وتعيد ما انفرط من دول الاتحاد السوفيتي لروسيا من جديد،

ولهذا الغرب وأمريكا ليس لديها ما تعطيه لأوكرانيا، وفى نفس الوقت تعطى إيران والتي جعلت من ولاية الفقيه أقوى من الجنسية والعرقية، وربطها الشيعة بكافة دول العالم بروابط أقوى من العرقيات والقوميات،

والتي استثمرت فيها روسيا بالقرم لتستفيد منها إيران اليوم، وتهدد بها كل المحيط العربي السني وفى كافة دول العالم الإسلامي، وتهدد به تهديدًا مزدوجًا للمصالح الغربية والنظم السنية،

مما يجعل الغرب وأمريكا ليس أماهما غير خيار وحيد؛ بقبول إيران عضوا بالنادي النووي، والدول الكبار، لتفادى مخطط روسيا بإشعال المنطقة، وفى نفس الوقت بالتراجع عن دعم الثورة السورية والتعاون لمواجهة التيار السني بالشام،

وإعادة صناعة تيار علماني هجين في حال التضحية ببشار، وهو ما سيجعل المنطقة كلها ترتد للقوميات ونعرات العروبة مرة ثانية، كآصرة وحيدة، لمواجهة إيران وحرمانها من الظهير والمكونات الشيعية في العالم العربي، لتفكيكهم من الولاء للفقيه بقُم وفى غياب رأس سني تجتمع عليه الدول العربية السنية..

ولأن من يدير الأمور اليوم هم العلمانيون العرب، وبسبب خلافاتهم مع المكونات الإسلامية بالمجتمعات، سيكونون ضحية وقربانًا في كل الحالات، لتفادى الخطر القادم، سواء على المستوى المحلى أو الدولي.

ولم يتبق لهم إلا أمل وحيد، وهو دعم المجاهدين بالشام، والعمل على توحيدهم، ليس لتحقيق نصر فقط، ولكن للحفاظ على مقعد لهم على طاولة إدارة المستقبل، والحفاظ على الأقل على حق الحياة، وإلا سيذبحون كالنعاج وبالشوارع في كافة بلدان العالم وليس ببلادهم فقط، والتي خضعت للسفاحين من العرب.

من صفوت بركات

أستاذ علوم سياسية واستشرافية