سبق لـ«قيس سعيد» أن برر انقلابه على الدستور وعبثه بالفصل 80 بوجود الخطر الداهم والجاثم والقاتل..

وهذا تعريف عام كما عودنا في كل تصريحاته، فلم يقل أين يقع الخطر الداهم والجاثم والقاتل؟!

لقد ظلّ قيس سعيد منذ فترة طويلة يوطئ للانقلاب فابتكرت له معاونته ومستشارته الأثيرة نادية عكاشة لعبة الرسالة المسممة،

ثم محاولة الاغتيال مؤخرا، وغيرها من الأمور المكشوفة والمضحكة والفاضحة في آن معا.

تقسيم الشعب إلى شعبين

وبدأ سعيد معركته بالشتم والقذف والإساءة وتقسيم الشعب إلى شعبين، تماما كما فعل السيسي في مصر،

واتهم جهات لم يحددها باستجلاب مرتزقة من الخارج،

واستخدم مصطلح الخيانة كثيرا؛ بحيث لم يُبقِ أحدا يعارضه إلا وصفه بالخيانة تلميحا لا تصريحا؛

فهو لا يصرح لسببين:

الأول عدم ثقته بما يقول.

والثاني: خوفه من ردات الفعل التي سيكون لها صداها القوي؛

ذلك أن كلمة خيانة ذات معان ودلالات خطيرة، ولا يسكت عنها أي أحد يتهم بها؛

وقد رأينا ردة فعل المنصف المرزوقي على اتهامه بالخيانة، وكيف أنه وأنصاره ردوا لقيس سعيد الصاع ألف صاع..!!

وعلى الرغم من النقد الذي وجه لسعيد من كل الجهات والجبهات حول ألفاظه المؤذية وشتائمه الرخيصة وتقسيمه للشعب،

إلا أنه لم يزل يفتح ذات الأسطوانة في كل وقت وحين، وهو ما يؤشر على بلاهة وقلة حيلة وانعدام مساحة المناورة..

ناهيك عن أن ذلك يشي بمرض نفسي عضال، وهو  جنون العظمة (البرانويا) الذي يتضح في كل سلوكياته،

ولو رجع أي واحد منا إلى محرك البحث وطلب أعراض مرض البارنويا أو جنون العظمة؛ لوجد أنه يعاني منه بلا أدنى شك.

ومنذ 25 تموز/ يوليو الماضي، تعيش البلاد على وقع قرارات استثنائية اتخذها سعيد منفردا،

وبمقتضاها تم تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، و إعفاء الحكومة،

كما تم إيداع عدد من النواب والسياسيين والصحافيين السجن بعد محاكمات عسكرية، لا مدنية،

وهو أغرب ما يحدث في المشهد التونسي.. إنها فضيحة كبرى..

وظلت الأمور تتدهور ومن سيئ إلى أسوأ حتى وصلنا إلى حالة تقترب من حالة الإفلاس والانهيار التام لكل مؤسسات القطاع العام ومرافقه،

وربما لا تستطيع الدولة دفع الرواتب في الأشهر القادمة،

وهو منذ الانقلاب حتى اليوم يصدع رؤوسنا بالفاسدين واسترجاع المال المسروق،

ولم نر شيئا، بما يجعلنا نفهم الآن فقط معنى المثل القائل: «أسمع جعجعة ولا أرى طحنا»؛

فقيس سعيد يقود معركة كبرى بخيل وفرسان وسيوف ورماح ومنجنيقات،

ولكن مع طواحين الهواء؛ حتى إنني وأنا أحاول تخيل شخصية دونكيشوت وجدت أن قيس سعيد هو أنسب الصور الذهنية لهذه الشخصية،

ولا أستبعد أن يتفتق خيال مبدع عن استخدام صورة سعيد للدلالة على شخصية دونكيشوت..

قيس سعيد.. يبحث عن مخرج فلا يجد

قيس سعيد الذي يعمل بدون هدى ولا خطة، وهو الفاعل الوحيد في المشهد،

يبحث عن مخرج فلا يجد، ويتخبط لكنه لا يستعين بأحد، ولا يرغب في لقاء أحد،

ولا يسمع صوت أحد..

إنه يتكلم فقط، ولا يعطي الفرصة لأحد ليتكلم..

وهنا يسقط قيس عن حماره لكن على أرض صلدة مليئة بالنتوءات..!

من عائدة بن عمر

عضو مؤسس في منظمة «إعلاميون حول العالم»