كان قول العالم في قديم الزمان واستناده إلى شيء دليلا على صحة المنقول وأن ما ينقله هو الصواب دون الحاجة إلى المراجعة في الأصل، وقد لا يستطيع الناس إلى المصدر سبيلا، فيقبلون الكلام دون مناقشة ودون البحث عن مدى صحة المنقول وسقمه.

ولكن اليوم وبعد ما تقدم العلم والتكنولوجيا بحيث وصل العلم إلى كل من هب ودب بحيث يكفي أن يكون عنده جوال وانترنت لم يعد الكلام بلا ذكر دليل مؤثرا ومفيدا.

اليوم أصبح معظم الناس بفضل الجوجل! علامة ورأسا في العلم، ويرى نفسه أعلم الناس إذ بمجرد جولة يسيرة في الجوجل يجد منشوده وما يعضد قوله، ويجد كل كلام قيل ويقال دون شق نفس، ويهتدي إلى المصدر بلا أي جهد.

ومع هذا نرى بعض الناس يتكلم في المسائل والموضوعات المختلفة دون أن يكون عنده دليل وحجة ودون المراجعة أو الإرجاع إلى الأصل ثم يلح على موقفه، ويرى قوله هو الحجة التي لا تعدلها حجة ودليل.

وقد ترى بعض الخطباء ينقل العجائب ثم لا يكلف نفسه عناء البحث عن المصدر بل قد يتحمس للمنقول ويصر عليه ويجعله حجة يصدر بناء عليه أحكاما و… ولكن بعد الرجوع إلى الأصل يتبين أن الدليل ضعيف أو فهم الناقل كان سقيما أو الكلام لا أساس له من الصحة و…

إن هذه العقلية لم تعد تجدي نفعا وبخاصة في هذا العصر الذي طغت فيه التقنية وسهل فيه البحث والعثور على المصدر بلا أي مشقة وجهد، وفي العصر الذي كثر أدعياء العلم بعد ما وفر الجوجل كل كبير وصغير.

اليوم لم يعد كلام الرجل مهما بلغ من العلم حجة إلا إذا كان مرصعا بالدليل والبرهان، وإلا إذا إذا أرجع إلى مصدر موثوق به.

لقد أكد القرآن على التبين وكان الصحابة يتثبتون في الأخبار ولا يقبلون القول بلا دليل، فنحن أحرى بالبحث عن الدليل في وقت كثر النفاق والكذب والزور وقل الصدق وأصبح أندر من الكبريت.

عبد الرحمن محمد جمال

من عبد الرحمن محمد جمال

مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.