عبد المنعم إسماعيل

 

مر التاريخ الإسلامي بمراحل متعددة منها مرحلة النبوة على صاحبها الصلاة والسلام ثم مرحلة الخلافة الراشدة رضي الله عن جميع صحابة رسول الله ثم مرحلة الدولة الأموية رضي الله عن المؤسسين ورحم الله القادة والخلفاء فيها فقد كانت فتحا على المسلمين ونصرا للإسلام والسنة النبوية الشريفة في عمومها.

ثم جاءت الدولة العباسية بخلافتها المباركة ثم الخلافة العثمانية التي كسرت انف أوروبا بعد سيطرتها على الأندلس قام السلطان محمد الفاتح وعمره 22عام بفتح القسطنطينية 1453ميلادية إلى مرحلة الضعف والوصف برجل أوروبا المريض فاحتل الغرب الصليبي البلاد العربية والإسلامية نتيجة فاشية المد الصوفي وانتشار الجهل بين الجماهير وانعدام الأخوة الإيمانية بي المسلمين فقام الغرب الصليبي باحتلال بلاد المسلمين بلدا تلو الآخر .

أين فكرة حشد الجماهير ضد الحكام خلال التاريخ الإسلامي بمراحله مع العلم أن ابن الزبير رضي الله عنه كان خليفة مبايع في نصف الأمة فهذا الواقع لا يصلح للقياس عليه؟

إن خروج الحسين رضي الله عنه لم يكن عليه إجماع الصحابة رضي الله عنه فأخطأ وان كان صاحب حق ورؤية في الخروج ولم تنجح الفكرة فهل من العقل الاقتداء بحالة عجز وترك قرون الاستقرار واصل الفهم والرشد؟

للعالم أن يواجه انحراف الحاكم بحكمة ووعي وقوة وأمامه الرخصة أو العزيمة لكن ليس للجماهير سداد فاتورة اجتهاد عالم واجه الفساد مجتهدا.

وهذا أيضا لسنا من دعاة صناعة الكهنوت للحاكم ليصبح حاكما بأمر الله معصوما هذا مرفوض جملة  وتفصيلا.

نطلب من علماء التاريخ الإسلامي أن يقوموا بإظهار المراحل التاريخية التي تدخلت الجماهير على وفق النموذج المستنسخ من أفكار العلمانية والحرية الغربية المعاصرة.

مر التاريخ الإسلامي حاكم وعالم وعموم الأمة الإسلامية فإذا أصاب الحاكم مدحه العلماء وإذا اخطأ نصحه العلماء فإن كان من الموافقين سمع النصيحة واستقام وإذا تمرد وخالف الحق واصطدم بالعالم كانت النتيجة ربما قتل العالم كما كان سعيد بن جبير رضي الله عنه مع الحجاج أحد أمراء بني أمية حين قتله الحجاج ظلما وبغيا؟؟

 الشاهد هنا.. أين الجماهير؟

أين طلاب العلم المحيطين بابن جبير رحمه الله رحمة واسعة ورضي الله عنه هل أسس ابن جبير رضي الله فكرة الحشد عند الجماهير؟

فكرة الحشد كيف تكونت القناعات عند الجماهير العربية والإسلامية خلال العقود الأخيرة؟

كيف تحولت بوصلة عقول البعض من المسلمين فقبلوا فكرة الحشد والثورة ضد الحكام؟

النموذج الليبي قراءة تحليلية

حين دب نداء الحشد ضد نظام القذافي المختل المنحرف واجتمعت الفتاوى التحريضية عليه وتم استدعاء بل الفرح بتدخل الطيران الصليبي الغربي لتدمير.

جيش القذافي فتم المراد فسقط القذافي وقتل معه الوطن فانقسمت الأرض الليبية نتيجة انقسام الجماهير بين الشرق والغرب وهذا رغم صغر حجم الوطن الليبي خمسة مليون مواطن ذهب مليون منه إلى مصر والخارج وخضعت الجماعات المسلحة لفكرة مصالح القادة حال التصرف في البترول الليبي وبيعه لشركات الغرب المتربص.

لقد تدخل الغرب في الهدم للوطن وقتل الكتلة الصلبة فيه ولم يسعى للتدخل لإعادة البناء فهو يريد بلاد العرب متفرقة متهالكة فيما بينها ففي كوارثنا مداد لمصالح الآخرين؟

وكان المشهد السوري مؤلم جدا

جماعات مسلحة وصلت حول حلب التي تم تسليمها للنظام نتيجة لحسابات جماعات متعاونة أو مدعومة من النظام المجاور أو اللاعب الرئيس في المشهد السياسي السوري ضاعت الشام نتيجة لتعدد القيادات وتداخل الجماهير في صراع صفري مع النظام العلوي المجرم فهل تحققت المصالح؟

12 مليون مهاجر سوري في الداخل والخارج 2 مليون شهيد نتيجة الحشد الجماهيري الذي صنعه الغرب بأيدي عربية لتكون البلاد العربية على موعد مع الهلاك الشامل للجميع النظام هلك وفقد الشرعية الأخلاقية حين يسعى. لحكم  شعب قتل منه الملايين وجماهير فقدت وطن وملايين الشهداء والمهاجرين نتيجة فكرة الحشد الجماهيري ضد النظام الفاسد.

حشد الجماهير والسعي لخراب مصر

فكيف بمصر  حفظها الله إذا نجح غربان الخراب تحريك ملايين ضد ملايين عن طريق الحشد الجماهيري والحشد المضاد؟

حدثني عن حجم المحارق التي كانت تنتظر الشعب والأمة العربية المصرية.

إن بناء النواة الصلبة لأي دولة يستغرق سنوات وعقود وحكماء يقودون المشهد فكيف إذا خضع الأمر لصناع الخراب ورموز الحشد وفكرة الإقصاء والخلاص من المعارضين  من كلا الجانبين؟

كيف كان يتم ضبط بوصلة السيولة الفكرية والاجتماعية في تكوين الكيانات السياسية والحزبية والقبلية والطائفية التي صنعوها بين شعب واحد حين جعلوا منه شعب مؤيد للنظام القديم والآخر شعب مؤيد للنظام الجديد؟

أن أوروبا والغرب لم ولن يكون طريقا في إعادة الهيبة للدولة المصرية أبدا لأنه يريد التفكيك ثم السيطرة على مجرى الملاحة العالمي في قناة السويس ثم تمدد الصهيونية إلى غرب سيناء ليعيش الجماعات الإسلامية المتقاتلة مع نفسها والشعب في حلم التحرير ثم التوافق وهذا شبه مستحيل قبل قرن من الزمان فالتوافق تتربى. عليه الأمة حين تمتلك رؤية واحدة ومذهب فكري واحد ومتنوع المشارب ولكن اين نجده؟  هيهات.

الجماعات الإسلامية قبل الحكم كانت منقسمة على نفسها وليس هناك دنيا فكيف اذا دخل المال والوجاهة السياسية والألقاب وتوزيع الكعكة على المشاركين من جانب ومن بيدهم نفوذ من جانب آخر وهنا تتكون خلايا الحقد والفاشية النفسية بين الجميع ومن ثم التيه.

هل يمكن أن نصدق قادة إسلاميين لهم ولاءات مع إيران الصفوية؟

هل يمكن أن نصدق تيار إسلامي الإخوان فيه جماعات متعددة وهم لي مرحلة. الاستضعاف منقسمون فكيف بهم حال التمكين؟

أن السلفية أصبحت رؤوس متعددة بين القاهرة والإسكندرية والعلمية والجهادية فكيف السبيل نحو التلاقي يا كرام؟

الخلاصة

نحن نسعى لتحمل العلماء كافة المسؤولية

لمواجهة أخطاء الحكام بدون تدخل من الجماهير التي هي وقود حراسة الثغور ومواجهة إعداد الأمة الإسلامية بعمومها .

نحن نسعى. لجعل الجماهير رصيد خادم للمجموع الكلي للأمة العربية المصرية بلا نزاعات فإذا دخل الجماهير المصرية في النزاع ضاعت مصر والأمة العربية والإسلامية.

إن مهمة الجماهير هي تربية عالم ينصح ويحافظ على بيضة الأمة والمجموع الكلي للأمة بلا نزاعات .

ماذا ربحت الأمة خلال قرن الشحن والتحفيز. ضد أخطاء الحكام؟

ملايين من الشهداء ملايين من المسجونين ملايين من المهاجرين فهل من العقل قبول مثل هذا المخطط؟

على الحاكم تقوى الله والعمل لمصلحة الشعب والأمة ولزوم شرع الله  عز وجل وعلى العلماء النصيحة والبيان بعيدا عن فكرة الحشد الذي يعقبه هلاك البلاد والعباد والله المستعان.

 

من عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية