أبا خالدٍ كنتَ سِفر الطهارهْ

وكنــت لنا الأمن في كل غارهْ

وكنت لنا الحصن وقت الخطوبِ

وكنت لنا الركن نُعْلي جداره

وكنت لنا فيلقًا من عقولٍ

فأطلعت في كل ليلٍ نهاره

وسطّرت في جبهة الدهر نورًا

وزكّيت صرح الهدى والحضاره

∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙

فيا كهفنـا في الزمان الرديء

ويا قصدنا من ربيح التجاره

ويا جبلاً واعيًا ضج روحًا

ويا نبعــةً من عبيـــــر البكاره

ويا أيها النسر فوق العوالي

لك المجد والمنتهى عن جداره

تجرّدت عن موهنات الرجالِ

وعن لجلجات الخنا والشطاره

وكنت لكل عدوًا شواظًا

فترديه رجمًا، وتصليه ناره

أقمت على قمة البينــات

وفي شاطئ الهول كنت المناره

فلا طلسم السحر يخفى عليك

ولا مَيْعَةُ الزَّيْغُ تخفي سعاره

∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙

نزلت لهم في حروب الشوا ..

رع، في كل بيتٍ، وفي كل حاره

فقارعتهــم في اقتدار الكبار

وداهمتهم في بيوت الدعاره

وعرّيت كل عُتلٍ زنيـــمٍ

تدأدأ .. ثم اكتسى الدهر عاره

وكسّرت في كل تيسٍ قرونًا

يتيــــهُ بها هشةً مُستعـــاره

وحطمــت أصنامهم في يقينٍ

وأسكتَّ في كل عجلٍ خواره

∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙

وكنت تلاعبهم في بـــراحٍ

وكنت تثاقفهم عن مهـــاره

بيادقهــم كالدمى في يديك

وأوثانهم من وضيع الحجاره

فتجهز فيهم على من تشــاء

وتترك من أيقظته العبـــــــارة

وتأتي بمن شئت منهم أسيرًا

ومن ترتجي فهمه أو حواره

وتقتنص الدُّرَّ في كل لُجٍ

توشوش أصدافه أو محــاره

وتضرب في كل وادٍ سحيق

وتَمْخُرُ فــي كل يمٍ قراره

وتصعد للشمسِ في كل داجٍ

وتسبق في كل نجمٍ مداره

∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙

وعشت تسيّرُ للحق ركبًا

وتنسف للمُدَّعِي كل شاره

فأولاك مولاك عزمًا ورشدًا

وعودك -ما عشت – غضّ النضاره

وما خانك القوس والسهم يومًا

ولا رمية منك مست خساره

 تحيطك كوكبةٌ من رجالٍ

يزين بها المُلك وجه الإمارة

يردّون في كل جيلٍ حياة

ويطوون زيف الردى واغتراره

ويبنون صرحًا فصرحًا فصرحًا

ويحيون في كل مَيْتٍ بواره

رعاياك في كل وادٍ خصيب

يزكون في كل علمٍ دياره

يدوسون في الدرب وهمَ الصغارِ

فقد جاوز الكأس حد المراره

∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙-∙

سنكمل مشوارنا ف ثباتٍ

ونَحْطِمُ في كل قيدٍ إساره

شهودك نحن، ومن كل شيءٍ

غدوتَ له عِزّهُ أو فخاره

مئونٌ من الكُتب كانت قلاعًا

وكانت حصونًا لنا واستجاره

وعمرٌ من الزحفِ خلف الأعادي

وتسعون إلا قليلاً.. بشاره

بأنك فزتَ، وأنك جزتَ

إلى جنةٍ أزلفت يا عمـــاره