سجل يا تاريخ واكتب، حصل هذا في زمن بوتفليقة.

في مشهد هز كل حرٍّ شريف، على أرض الشهداء، بل كل محب للجزائر وتاريخ ثورتها المجيد في الوطن العربي، والعالم أجمع، ومهما يكن من أمر، فهذا المشهد الذي تقبله النظام الجزائري بكل بساطة، ولم نجد أي ردت فعل تُجاهه من النظام، لو تَبَرُّؤا، كذبا ونفاقا، كما هو دائما، المشكل حتى الإنكار الشكلي، لم يكن، وإن دل هذا على شيء، فهو يدل على:

01: رضى النظام التام بهذه الوضع.

02: تعمد النظام إيصال الشباب الجزائري لهذه الحالة

ودليل ذلك:

الجامعات الجزائرية، والحالة المزية التي هي عيلها الآن، والمدرسة الجزائرية وما يُفْعَل بها، من طرف الوزيرة التي سَخَّرَت الدولة كل مجهوداتها من أجل إبقائها في ذلك المنصب الحساس، والدفع بكل قوة النظام دفاعا مستميتا عنها.

أكيد المستغرب الوحيد من هذا المشهد، هو النظام الفرنسي، حيث فاجأه الشباب الجزائري، بأن مشروعه الرامي إلى تحقيقه في الجزائر بعد عشرين سنة، قد تحقق قبل أوانه، وهذا بفضل العهدات الأربعة التي حكم فيها بوتفليقة، حيث جاء وأول مشروعاته محاربة اللغة العربية، والتمكين للغة الفرنسية، وهذا كله لا يخفى على ذي عينين، محب للجزائر وثورتها.

الغريب، أن الجميع يعلم أن المناهج التربوية بإشراف فرنسي تام، وإن كان غير مباشر، وأن رؤساء الحكومات جعلوا من أنفسهم صدرا واقيا ضد كل من يطالب بتجريم الاستعمار، أو المطالبة بالاعتذار الفرنسي، حيث وصل الأمر بأحد الوزراء، أن شتم الرئيس أردوغان، لما قال عن فرنسا أنها مجرمة حرب في الجزائر.

هذا المشهد (الطوابير أمام المركز الثقافي في ذكرى الثورة)، وإن دل على شيء(وخاصة في هذا الظرف الحساس، حيث الرئيس مغيب تماما، والأزمة المالية التي تعيشها البلاد، والثورة الخامدة المنتظرة، المتراكمة تحت الرماد، ضد الوزير التي تنفذ المشروع الفرنسي)،  فهو يدل على:

01: ضمان فرنسا الولاء التام من النظام الجزائري.

02: الاطمئنان التام من الشعب الجزائري، وأنه من المستحيل أن يقف ضد فرنسا، كيف لا، وأمنية جيل بوتفليقة، هي السفر لفرنسا.

هنا نسأل من يتحمل المسئولية:

01: النظام:  وإن حملنا النظام المسئولية، وهذا المنوط بنا بصفتنا جزائريين، ولكن الواقع الذي بين أيدينا، فهذا هو الشعب الذي يريده النظام الجزائري، شعب من الدرجة الثانية، غايتة، العمالة المطلقة للمحتل الفرنسي.

02: أما من يتحمل المسئولية بعد النظام مباشرة، فأنا أرى أن أهل العاصمة هم من يتحملون المسئولية؛ لأنهم هم المنفذ الفعلي للمشروع الفرنسي في الجزائر، حيث:

01: إذا دخلت العاصمة الجزائرية، وأنت لا تتقن الفرنسية، فأول سؤال يبادرك به سائك من أين أنت، وكأنك غريب وافد لبلاد الجزائر، ولست جزائري.

02: احتقار الشخص العاصمي، لكل جزائري لا يتقن الفرنسية، ويعاملك كأنك متخلف، لم تلحق بركب الحضارة.

03: التوجه المطلق لأهل العاصمة في تعلم الفرنسية، بل وتعليمها لأولادهم، ووجدنا البعض، يفتخر  بأن أبناءه لا يتقنون العربية، لغة المتخلفين كما يزعم.

04: ربط أهل العاصمة أن الحضارة كل الحضارة، هي في إتقان اللغة الفرنسية، وأن كل ماعداها، فهوامش، أما اللغة العربية، فهي لغة ميتة، بالنسبة لهم.

لما يكن مثل هذا النظام حاكما للجزائر، ونجد في العاصمة الجزائر مثل هؤلاء الناس، فطبيعي أن نرى تلك الصفوف (الطوابير)، الرهيبة والمهينة، أمام المركز الثقافي الفرنسي.

مهينة: ليس لأنهم ذهبوا ليرفعوا من مستوى ثقافتهم، وليست هذه الطوابير أمام كل المراكز الثقافية، وأن الشعب الجزائري، مثل الروسي، طوابير حتى يدخل المكتبة، ولكن طوابير، الغاية منها امتحان يعطيه الفرصة للهجرة إلى فرنسا.

عن نفسي أحترم المهاجر هجرة غير شرعية، عبر قوارب الموت، على أولئك الواقفين وقفة، كلها ذلة واحتقار للجزائر ودماء الشهداء.

سجل يا تاريخ واكتب، حصل هذا في زمن بوتفليقة.

من عنتر فرحات

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية