مصطفى البدري

والحديث عن هذا العنوان  (الإسلام هو الحل)

طويل ومتشعب العناصر، لكني هنا أريد الجواب عن سؤال واحد فقط وهو: هل هناك وقت لا يكون الإسلام فيه هو الحل؟

وأنا لا أتكلم عن ذلك نزاهةً أو من باب شغل أوقات الفراغ..

فقد سمعت بأذني ورأيت بعيني من يعقب لي على كلمة ألقيتها هنا في اسطنبول قائلا:

[الإسلام هو الحل صحيح، لكن ليس الآن، الآن التوافق هو الحل]

ولو كان القائل علمانيًا أو يساريًا أو مُهَلّبيًّا لما أعرتُ كلامَه اهتماما، أما والقائل من كبار أبناء الحركة الإسلامية.. فقد شعرت بالصدمة،

ورجعت بي الكلمات إلى الوراء وعادت بي إلى الواقع الذي نعيشه،

حيث أرى جماعات من أقدم وأكبر الحركات الإسلامية وهي تتبارى على إخفاء هويتها وتغييب عقيدتها! وتتسابق لإثبات مدنيتها وديمقراطيتها!!

وساءلت نفسي وغيري..

كيف يكون الإسلام هو الحل لمشكلات الناس، وبعض المسلمين يتنازلون عن الإسلام دعوةً وشعارًا، ويسبّحون بحمد الديمقراطية الأمريكية صباح مساء؟!

هل الإسلام الآن أصبح مشكلةً وعائقًا لنا؟!

هـل الإسلام الآن يمثل عقبة في طريق استرداد حقوقنا؟!

هلْ الإسلام الآن يعَد أحد أسباب ضعفنا وهزيمتنا؟!

هل آن لنا أن نحذف من مصحفنا {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}؟!

وأن نحذف من تاريخنا

«كنّا أَذَلَّ قوم، فأعزَّنا الله بهذا الدين، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله»؟!

وأن نحذف من قاموسنا

 (في سبيل الله قمنا، نبتغي رفع اللواء، فليعد للدين مجده، وليعد للدين عزه)

(الله غايتنا، الرسول قدوتنا، القرءان دستورنا، الجهاد سبيلنا، الموت في سبيل الله أسمى أمانينا)؟!

أيها الإخوة الأحباب:

نحن في حرب شاملة مع الجاهلية الرافضة لأصل ديننا، ومعركتنا مع الظلم والفساد والاستبداد أحد معارك هذه الحرب الشاملة الطاحنة، فلا تجعلوها أصلًا للصراع فتهلكوا.

أيها الإخوة الكرام: إن عدوكم يعرف طريقه جيدًا، ودائما يصرح قولًا وفعلًا أنه جاء ليقضي على دينكم، فيجمع كل خصومكم حوله ويتقوى بهم،

 وأنتم تخسرون الكثيرين من أنصاركم بمداراتكم -بل- وبمداهناتكم.

أظننا بحاجة أن نتذاكر بعض الآيات القرآنية التي تعالج هذه الإشكالية بوضوح وصرامة (وتهديد أحيانا)

قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ}

وقال تعالى:

{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}

و{وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ}

وقال: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}

 وترجم ذلك كله صاحب (الظلال) في (معالمه) بكلام رائع وقوي تحت عنوان [وهذا هو الطريق] ضمن باب  [طبيعة المنهج القرءاني]

وختمه قائلا:

 (ولم يكن شيء من هذا المنهج المبارك ليتحقق على هذا المستوى الرفيع ، إلا أن تبدأ الدعوة ذلك البدء، وإلا أن ترفع الدعوة هذه الراية وحدها.. لا إلٰه إلا الله.. ولا ترفع معها سواها،

وإلا أن تسلك الدعوة هذا الطريق الوعر الشاق في ظاهره، المبارك الميسر في حقيقته؛ وما كان هذا المنهج المبارك ليخلص لله، لو أن الدعوة بدأت خطواتها دعوة قومية أو دعوة اجتماعية أو دعوة أخلاقية..

أو رفعت أي شعار إلى جانب شعارها الواحد «لا إلٰه إلا الله»)

مصطفى البدري

من مصطفى البدري

باحث وداعية إسلامي. عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية. مراجع لغوي بالرابطة العالمية للحقوق والحريات، والندوة للحقوق والحريات.