بعد انتصار العثمانيين في معركة كوسوفا في عام 1389، كانوا قد غزو معظم البلقان، وتقلّصت الإمبراطورية البيزنطية إلى المنطقة المحيطة مباشرة من القسطنطينية ودب الذعر في الممالك الصليبية من فتوحات المسلمين العثمانيين واتفق ملك المجر سيجسموند والبابا بونيفاس التاسع على تكوين حلف صليبي لمواجهة الفتوحات الإسلامية العثمانية المتوالية كالصواعق المرسلة واستئصال الدولة العثمانية وإنهاء وجودها،وعمل ملك المجر سيجسموند على اشتراك أكبر قدر ممكن من الممالك الصليبية المختلفة.

وبالفعل أسرع الصليبيون بالتجمع في جيش ضخم يضم مائة وعشرين ألف مقاتل من مختلف الممالك الصليبية:

ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، واسكتلندا، وسويسرا، وإيطاليا،

وإسناد قيادة الجيش الصليبي إلى سيجسموند ملك المجر الذي كان مغرورًا وقد بلغ به الغرور أن قال: «لو انقضت السماء من عليائها لأمسكناها بحرابنا».

كانت القيادة الإسلامية العثمانية بقيادة السلطان بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل،

(ولد عام 1345 وتوفي 8 مارس 1403، رابع سلاطين الدولة العثمانية،

لقب باسم يلدرم أي الصاعقة نظرًا لحركته السريعة بجيوشه وتنقله بين عدة جهات بمنتهى السرعة

معركة نيكوبولس

بدأت المعركة بحصار سريع من الجيش الصليبي لمدينة نيكوبوليس وظهر لهم أنهم تغلبوا على القوات الإسلامية العثمانية، ولم يكد الصليبيون يدخلون المدينة

حتى كانت المفاجأة المروعة فقد ظهر لهم السلطان بايزيد ومعه مائة ألف مقاتل،

كأنما الأرض قد انشقت عنهم، وكان ظهور الجيش الإسلامي العثماني كفيلاً بإدخال الرعب والهول في قلوب الصليبيين,

وبدأت المعركة التي تعَدُّ من أشرس معارك التاريخ, وقاتل المسلمون يومها قتال مَنْ لا يخشى الموت،

وأنزل الله على المسلمين الرحمة والسكينة، وأيدهم بجند من عنده، فقذف في قلوب الذين كفروا الرعب.

وتناثرت جثث القتلى حتى امتلأ المكان بهم

وانتهت المعركة بنصر تاريخي مُبين للمسلمين، ذكرهم بأيام المسلمين الأولى بدر واليرموك،

فانهزم معظم الجيش الصليبي ومن بقى على قيد الحياة أسرع بالفرار والهرب،

منهم سيجسموند ملك المجر الذي ولّى هاربًا ومعه رئيس فرسان رودس،

ولما بلغا في فرارهما شاطئ البحر الأسود، وجدا هناك بقايا الأسطول النصراني،

فوثبا على إحدى السفن وفرت بهما مسرعة لا تلوي على شيء

وقتل وأسر عدد من قادتهم فقد وقع كثير من نبلاء فرنسا في الأسر منهم الكونت دي نيفر فقبل السلطان بايزيد دفع الفدية

 وهنا حدث موقف وحوار سجله التاريخ فقد اقسم الكونت دي نيفر

على أن لا يعود لمحاربة السلطان بايزيد والجيوش الإسلامية العثمانية ولكن السلطان بايزيد قال له بكل قوة واستعلاء:

 «إني أجيز لك أن لا تحفظ هذا اليمين، فأنت في حلٍّ من الرجوع لمحاربتي،

إذ لا شيء أحب إليَّ من محاربة جميع مسيحيي أوربا والانتصار عليهم».

وعقب النصر و القضاء على القوات الصليبية تجول السلطان بايزيد فى ميدان المعركة فانزعج وغضب لكثرة قتلى المسلمين في المعركة،

وتذكر السلطان بايزيد ما فعله الصليبيون من قتل وتمثيل بالجثث للحاميات الإسلامية في بلغاريا والمتجر بعد أسرهم فأمر السلطان بايزيد بقتل الأسرى كلهم ثلاثة آلاف أسير،

وفي رواية أخرى عشرة آلاف،

ولم يبْقِ إلا أكابر وعِلية القوم؛ للحصول على فدية ضخمة منهم.

وهنا موقف آخر سجلته كتب التاريخ بعد النصر المظفر قام السلطان بايزيد ببعث رسائل إلى كبار حكام الشرق الإسلامي؛ يُبشرهم بالانتصار العظيم على النصارى، كما أرسل إلى الخليفة العباسي المقيم بالقاهرة

 (مما يؤكد احترام السلطان العثماني لمكانة الخليفة وتقديره لمكانه الدينية) يطلب منه أن يقر هذا اللقب سلطان الروم؛ حتى يتسنى له بذلك أن يسبغ على السلطة التي مارسها هو وأجداده من قبله، فوافق الخليفة العباسي على هذا الطلب؛

(وكان الخليفة منصب شرفي وديني تحت سلطان حكم المماليك)

 واتخذ بايزيد لقب «سلطان الروم»؛ كدليل على وراثته لدولة السلاجقة،

وسيطرته على كل شبه جزيرة الأناضول.

وتُعتبر معركة نيكوبوليس بالنسبة إلى الصليبين أسوأ هزيمة على الإطلاق في العصور الوسطى، وبلغ السلطان بايزيد قمَّة مجده بعد تلك المعركة،

 وفي نشوة الفرح والانتصار أعلن السلطان: «أنه سيفتح إيطاليا بإذن الله، وسيُطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما»…….

هذا تاريخ أجدادنا ويوم ما عندما نكون أهلا للنصر إن شاء الله سيقول المسلمون الله أكبر فتحت رومية لا يأس.