[starbox]

في ليلة القدر تناهت إلى أسماعنا كلمات فرعون مصر تيحا مشتت القطرين أثناء كلمته في موسم فيضان الشر الذي من تقاليده المعروفة أن يتم إلقاء عدد من معارضيه في أخدود الخيانة والعمالة قربانا لإله الظلام، ثم يلقي كلمته على أسماع أهل مصر فيطلب منهم أن ينتبهوا في ذلك الموسم لمعابدهم ولمنشآته الفرعونية، ويحذرهم من أهل الشر الذين يريدون النيل من أمن واستقرار البلاد والعباد.

وهكذا في كل ليلة قدر يخرج علينا الفرعون ليجدد الخطاب الديني ويوعي الرعايا إلى خطورة أهل الشر الذين آمنوا قبل أن يأذن لهم، فيجمع الكهنة ليأمرهم أن يغرسوا في عقول الرعاع أنه ربهم الأعلى وعليهم ألا يسمعوا إلا له، فهو ما يريهم إلا ما يرى ولا يهديهم إلا سبيل الرشاد، ولكن الغريب أن الفرعون لا يصرح أبدا بأسماء هؤلاء الأشرار!

قال الرعايا سمعنا وأطعنا حين طلب منهم الفرعون تفويضا ليحارب الشر المحتمل الذي تحول بفضله إلى يقين، وصار هذا الشر وقود بقائه، فلا يمر خطاب ولا مناسبة سياسية أو دينية أو اجتماعية، ولا حتى حفل زفاف دون أن يذكر الشر وأهله، ولا يسافر لحضور قمة أو ذيل مؤتمر أو مقابلة يحنى فيها الظهر إلا ويخبر العالم بأنه صمام أمانهم  من تنظيمات الشر وانه جنديهم المغوار .

يظهر الفرعون في حلته ليخبرنا أننا يجب أن نستظل بعرشه ليحمينا حتى لا يصيبنا ما أصاب بابل وفينيقيا، وأنه علينا أن نؤمن له حتى لا نصلب أو تقطع أيدينا وأرجلنا من خلاف .

يصفق له الكهنة بحماس حين يصف أجمل أيام الله في ليلة كألف شهر بأنها مواسم للشر، بلى أيها الفرعون إنها مواسم شرك التي بدأت بأحكام إعدام على ستة من خيرة شباب مصر وحكم بالمؤبد على تسعة وبثلاث سنوات لثلاث متهمين في قضية قتل رقيب شرطة من القوة المكلفة بتأمين منزل عضو اليمين في محاكمة الرئيس مرسي.

عقب ذلك حكما بالإعدام على واحد وثلاثين روحا في قضية اغتيال النائب العام بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية في الداخل وتنظيمات مسلحة في الخارج والقتل العمد والتخريب وتصنيع مفرقعات وحيازة أسلحة بيضاء ونارية وتمويل جماعة إرهابية، ولا اعلم لما تجاهلت تحقيقات النيابة ضلوعهم في تفجير برجي التجارة العالميين واغتيال جون كيندي!

ثم تصفية ثلاثة في شقة سكنية بمساكن شركة الملح ببرج العرب بالإسكندرية وتحكى البيانات بعد الصلاة على النبي أنه عند اقتراب قوات الأمن فوجئوا بإطلاق أعيرة نارية كادت أن تصيبهم ورب العرش نجاهم وعلى إثر ذلك أردوهم قتلى دون خدش لقوات الشرطة، يعمل احد القتلى مأمور ضرائب والثاني صيدلاني والثالث صاحب مستودع اسمنت وحديد وكانت التحقيقات قد أسفرت عن أنهم من ابرز قيادات “حسم” الذراع المسلح لجماعة الإخوان والمسئولين عن  توفير الأسلحة المختلفة والعبوات الناسفة، ولذلك عندما فتشوا وكرهم المختار بدهاء بالغ وسط مساكن شعبية، وجدوا 2 بندقية آلي وكمية من الذخيرة!!

تلا ذلك تصفية سبعة أشخاص في أسيوط قيل أنهم إرهابيون اتخذوا خيمة فى “العراء” للتدريب وأنهم لما شعروا بقدوم قوات الشرطة أطلقوا النار بكثافة ولكن كالمعتاد فإن وابل النيران لم يجد طريقه إلى أبطال الشرطة على طريقة “توم كروز” فخرجوا من بينها سالمين بينما قتل الإرهابيين كلهم جميعا!

وفى موسم الشر أيضا، سيطرت لحظة شر آثمة على 32 عامل من عمال الأمن الإداري بشركة اسمنت طرة، فاعتصموا لمدة 56 يوما للمطالبة بحقوقهم في التثبيت وعدم التسريح من العمل واستبدالهم بعمال شركة أخرى فاتهمتهم النيابة بالتعدي على موظف عام ومقاومة السلطات واستعراض القوة والبلطجة، ولكن المحكمة غلبتها الرحمة فخففت الحكم عليهم من ثلاث سنوات الى شهرين حبس فقط.

وفي موسم الشر، يتم القبض على كمال خليل السبعيني بتهمة إحراز بوستات فيس بوك، وقوات الأمن بدمياط تقتحم منازل أعضاء من حركة 6 أبريل لتعتقل خمسة أفراد، ناهيكم عن حملات الاعتقال العشوائية التي طالت كل فئات الشعب فقد صار قانون الإرهاب مسلط على الرقاب “ان لم تكن معنا فأنت ضدنا”، من حقنا أن نقتلك، نجوعك، نصادر كل ما تملك، نبيعك أنت ذاتك، وعليك أن تصبر وإلا صرت إرهابيا خائنا لوطنك.

وفى موسم الشر، حرب ذات خلفية عسكرية بين حكومة وبرلمان وقضاء وقضاء مضاد للتنازل واللا تنازل عن ملكية جزيرتي تيران وصنافير، والتي تحول على أثرها الشعب لامرأة تجري فى المحاكم تريد حلا لتتحول فى النهاية إلى “ناشز”، معلقة  تأمل في خلاص لا تصل إليه يديها.

وفى موسم الشر، أجهزة إعلامية تعمل بكامل طاقاتها لتشويه التاريخ وتمييعه وتحريفه، وأعمال درامية رصدت لها المليارات لتنفر من كل سمت إسلامي ولترسخ كراهيته وتدعو للتخلص منه.

إن كان هذا هو الموسم الذي يحذرنا منه الفرعون، فهو من غرس بذوره بيديه  فى أصل جحيم نفوس تابعيه  لتنمو أشجار الكراهية  في كل أرجاء مصر، فتثمر طلعا كأنه رءوس الشياطين يأكل منه الناس فيملأون منه البطون ثم يشربون عليه شوبا من حميم الظلم فيذيب الجلود ويقطع الأمعاء، وحين يبدون حسرة أو ألما يقول لهم قولته الشهيرة (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي  فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم).