د. ياسر عبد التواب

مؤلم حد التيه ومحزن حد الذهول

مسالمون

قتلوا بلا ذنب

وجحدوا بلا ديات

وترك آباؤهم وأبناؤهم وأزواجهم للوعة الفراق وكمد العجز

وترك المجرمون بلا عقاب ورتعوا في الآفاق تيها وزهوا وأمنا

بل – ويا للسفه والتشفي –  اتهم المجني عليهم وعوقب المظاليم 

وتجاهل العالم مأساتهم بخسة ليست مستغربة 

فالدم المسلم ليس دما عندهم والاعتداء على الاسلاميين متاح مباح مندوب مستحب واجب

وعجز مناصروهم عن جلب حقوقهم أو حتى عن الموت مثلهم

لكن ذلك ليس نهاية المطاف أبدا

ولا تلك عاقبة الظلمة يقينا

وإن من أشد العقوبات ألا يدرك المعاقب بأنه

يعاقب !

ووالله سيشغي الله صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء

لكننا نستعجل

حين تكتمل الدروس وحين ينتهي الامتحان ستظهر  النتائج

فلنعمل فقط ولا نعجز

لقد كافح نبينا وأصحابه كفاحا مجيدا وصبروا صبرا جميلا منذ بداية دعوتهم

وأخذوا أمرهم بعزم ونفذو واجبهم بحزم

مارسوا الدعوة سرا وجهارا

وأوذوا وعذبوا وصبروا

ثم هاجروا وشردوا ثم جاهدوا وقتلوا

وظل جهادهم وبذلهم معهم في كل مراحل حياتهم ينفرون خفافا وثقالا ويجاهدون في سبيل الله باموالهم وأنفسهم

حتى استراحوا بقبول الله لهم ورضاه عنهم وهذا غاية مناهم 

وهذا أيضا ما يجب أن ندركه أن سعينا في هذه الدنيا ليس للتمكين بل هو وسيلة

وليس للنصر بل هو منة

وإنما لنتقلب في حال العبودية والرضا لنذوق طعم الإيمان ولنحقق مقتضى التسليم ولنستحق مرتبة الاستعانة برب العالمين

فإن أصابتنا في طريقنا المصائب فلنتجلد ولنتذكر قول رسولنا صلى الله عليه وسلم-: إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب.  رواه الدارمي في سننه، والطبراني في الكبير وغيرهما،

 نعم فلنتعز بفقدنا لنبينا

فما أحوج الأمة جميعها لوجوده بينهم  في كل وقت مباركا حيث كان وهاديا وناصحا ومرشدا وداعيا وموفقا ومنصورا

لكنا فقدناه وهذا حال الدنيا فكل المصائب بعده أهون  لكن سنته بيننا تعزينا على أمل اللقاء

والدنيا ليست دار الجزاء بل ذلك كله للآخرة وهي خير وأبقي

وإن  رزقنا نصرا أو تمكينا فلنشكر ولنعمل بمقتضى ذلك كما أمرنا

فمؤمن بين حالين في كل خير لم يحزن أو يأسى؟

و لنتذكر جميعا قول رسولنا صلى الله غليه وسلم:

«عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ». رواهُ مُسْلِمٌ.

فلنحقق العبودية  إذن ولنصبر ولنجتهد وسيأتي الخير ويحق الحق