مصطفى البدري

المقدمة الأولى:

في نقاشي مع أحد أساتذتي الكرام كثيرًا ما أشير إلى أن ما يفعله ترامب داخل أمريكا وخارجها يصب إجمالًا في صالح المسلمين.

ويكون رده عليَّ: لو من جهة المرحلية؛ نعم. لكن أمريكا (الصليبية العلمانية) لو سقطت الآن سيحل مكانها الصينيون ببشاعتهم اللادينية؛ وقد نقول يومًا: ولا يوم من أيامك يا أمريكا!!

المقدمة الثانية:

قال لي صاحبي: هل السعودية أفضل للمسلمين السُّنَّة أم إيران؟

فقلت له: كلاهما شرٌّ ووبال على المسلمين بكل انتماءاتهم؛ حتى إنني عاجز عن تمييز أحدهما عن الآخر بسبب شدة الفجور والوقاحة والتباري بينهما في الاعتداء على دماء وأعراض المسلمين.

بيت القصيد

منذ عدة أيام كتب أخي الحبيب محمد إلهامي مقالًا ضايقني وأحزنني كثيرًا، وعلمت أن ردود الأفعال ستحتوي بعض الحدة والعنف في النكير عليه؛ ورغم ذلك فضلتُ أن أتصل به وأخبره بملحوظاتي عليه دون إعلان ذلك.

فلما وجدت الفيس قد حذفه.. قلت: الحمد لله؛ هكذا ستهدأ الدنيا ويمر الأمر سريعًا، ومن ثَمّ.. أؤجل محادثته حتى نلتقي ونتكلم براحتنا.

لكني فوجئت بحملة شعواء عليه من بعض أهل العلم والفضل!! لدرجة دفعتني لأقترح عليه أن يخرج معي في بث مباشر يشرح فيه مواطن اللبس حتى يزول الإشكال ويهدأ أصحاب الحملة؛ لكنه رفض الاقتراح، وقال لي: دعنا نشغل الناس بما هو أهم من ذلك.

ولما كثرت الرسائل والاتصالات التي تطلب مني (من واقع أخوتي وقربي الشديد منه) أن أتدخل في الموضوع؛ قلت:

سأبين ذلك في نقاط محددة.

١- (من وجهة نظري) أخطاء أخي وحبيبي تنحصر في التالي:

– أنه قرن بين حماس وطالبان وتركيا من جهة، وبين إيران والغنوشي والعثماني من جهة أخرى في سياق واحد!!

– قوله عن إيران أنها تمثل أحد القلاع التي لو سقطت لتوحش الأمريكان والصهاينة لدرجة تهون من توحشهم الحالي!!

– الخاتمة التي أوحى من خلالها أنه لا يبالي بمن يغضبه هذا الكلام؛ بل كأنه يدعو المعترضين للانصراف عن متابعته!!

٢- أنا أعرف أخي جيدًا من واقع معاشرتي له، وأتفهم مقصوده من الكلام بالجمع بينه وبين كلامه المنشور والمتواتر حول المسائل المشْكَلَة.

لكن من ليس كذلك.. فيكفيه قبل الاتهام أن يقرأ المقال كاملًا دون اقتصاص!! فقد أشار الأخ إلهامي مرتين إلى جرائم إيران وإلى بغضه لمنهج الغنوشي والعثماني.

٣- لا يوجد أي وجه ولا أي احتمال لأن يكون منشور الأخ قاصدًا تلميع إيران أو تبييض وجهها، والعجب أن يدعي ذلك من يعرفون الأخ محمد جيدًا، وكثيرًا ما استضافوه في أنديتهم وأثنوا عليه وقدموه للحديث بين يديهم!!

 وأحتاج هنا قبل أن أختم الإشارة إلى أمرين: 

الأول:

 تخطئتي لأخي (الأصغر سنًا الأكبر مقامًا وفهمًا) في الصياغة والاقتران لا أكثر؛ حيث كلنا يعلم أنّ إيران قد أشغلت المسلمين وأعاقتهم وعطّلَتْهم عن أمريكا أكثر مما بينها وبين أمريكا من مناوشات، وما فعلته بالعراق وسوريا واليمن ليس غائبًا عنّا، فلا ينبغي أن نضعها في خانة القلاع التي تعيق التوحش الأمريكي الصهيوني، خاصة في سياق ذكر تركيا وحماس وطالبان؛ حيث البون شاسع والمسافة كبيرة بينهما.

كما ينبغي علينا أن نهدأ حال مخاطبتنا لجمهورنا ومتابعينا بدلًا من إبداء الغضب والطرد حال الاختلاف أو الانتقاد.

الثاني:

إذا أردتَ أخي المسلم أن تعرف كيف يمارس الشيطان وظيفته.. فانظر لما صنعه الأفاضل (د. حاكم المطيري – الشيخ حسن الدقي – الشيخ سيف الهاجري) في التعاطي مع الكلام، وتحميله مالا يحتمل، حتى وصل الأمر للتعريض بالخيانة والعمالة للمشروع الإيراني!!

وهذا والله حيفٌ وجَورٌ لا يرضي الله، وأنزه الأفاضل الكرام عنه.

كما ليس من المعقول أن نرمي بعضنا بالاتهامات هكذا جزافًا عند كل اختلاف (ولو كان مجرد تقدير ووجهات نظر محتملة)!!

وأخيرًا أخي القارئ.. حتى تستوعب كلامي جيدًا؛ ارجع للمقدمتين في أول المنشور، وأضف إليهما:

عندما نقول المغول كانوا أشرَّ على المسلمين من الصليبيين؛ فهذا لا يحمل أي درجة مدح للصليبيين.

والله من وراء القصد.

مصطفى البدري

من مصطفى البدري

باحث وداعية إسلامي. عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية. مراجع لغوي بالرابطة العالمية للحقوق والحريات، والندوة للحقوق والحريات.