ومما ابتلي به اليوم كثير من المنظمات والأحزاب والحركات الإسلامية المعاصرة بل والحلقات الدينية أنها ترى نفسها على الحق لا غير، أي تدعي أن حركتها ومسلكها ومنهجها الفكري والدعوي على الصواب تماما وكأن الحق جمع فيها وأن الحركات الأخرى على الباطل أو أنها ليست على جادة الحق.

إن هذه النظرية السائدة بين أكثر الأحزاب الدينية والحركات الجهادية والسياسية أدت إلى شروخ في المجتمع الإسلامي وفرقت جموع المسلمين، كما أنها أدت إلى ظهور حركات التكفير والتفسيق التي جرّت وبالا على الأمة الإسلامية وقصمت ظهرها.

إن شعار “أنا ولا غيري” وتحجير الواسع أصبح جزءا لا ينفك لكثير من الحركات الإسلامية بحيث لو ناقشت أحد أعضاءها أو المنتمين إليها يخيل إليك أن الإسلام يتخلص في هذه المجموعة وأن الشرائح الأخرى ليست من الإسلام في شيء أو أن إسلامها ناقص غير مكتمل.

ومما يزيد الطين بلة أن كل جماعة وحزب تريد أن تكون في رأس الأمور، وتستأثر بالقيادة وتنفرد بالحكم وأن تكون نظريتها ورأيها موضع القبول وترفض النظريات الأخرى، وقد لا تستعد لتجلس مع مخالفها على طاولة المفاوضة، بل ترى على القيادات والحركات الأخرى الاستسلام والإذعان والقبول دون أي مناقشة.

إن هذا التفكير الضيق قد أدى بالإسلاميين – إن صح التعبير- إلى القهقرى، وأصبحت الحركات الإسلامية في مؤخرة الركب وقد لا تحصل على الأصوات والمقاعد في الانتخابات كما أدى إلى فقدان ثقة الناس بهم، وقلة تأثيرهم في المجتمع.

إن الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق والاجتماع على القواسم المشتركة ضرورة ملحة للحركات الإسلامية، وإلا تستبد النخب العلمانية بالحكم، تلك التي لا ترحم أي حزب تستشم منه رائحة إسلامية، فيعيش المسلمون في ظلالها أذلاء مهانين كما نلمس ذلك اليوم.

عبد الرحمن محمد جمال

من عبد الرحمن محمد جمال

مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.