د. وصفي أبو زيد، متخصص في مقاصد الشريعة

تعد المعرفة التاريخية من المكونات المهمة للفقيه، ومن الثقافات الضرورية التي يجب أن يحوزها.

وليست مكونات الفقيه محصورة في معرفة الفقه أو التفقه بمذهب، ولا مقصورة على التعمق في الأصول والقواعد والتعامل مع النصوص والمقاصد، أو علوم العربية.

وإنما هناك ثقافات متنوعة يجب على الفقيه تحصيلها، ومنها الثقافة التاريخية والمعرفة الحضارية، وذلك لأنه:

١- يحتاجها في معرفة السياق التاريخي للاجتهادات المتنوعة والآراء المختلفة.

٢- تبصره بمقصودات الفتاوى والآراء الصادرة بشأن أحداث ما وزمان ما ومكان ما.

٣- تقي الفقيه والمفتي من الوقوع في خطأ الفهم للفتاوى ذات الأبعاد التاريخية، فقد قال العلماء: «السياق حارس من الفهم الخاطئ».

٤- الثقافة التاريخية تمكّن الفقيه من الرد على الشبهات التاريخية التي تثار حول الفقه، مثل رومانيته أو فارسيته!

٥- تجعله يقف على عصور الفقهاء التي عاشوا فيها، واجتهدوا في ظل أحداثها، ومن هنا فالمعرفة التاريخية تعين الفقيه على الفهم السليم وتقدير أقوال الفقهاء في عصورهم، ووضعها مواضعها السليمة.

٦- الثقافة التاريخية توقف الفقيه على عظمة الفقه الإسلامي، وجلالة قدر الفقهاء وتاريخهم،

من خلال العلم بتاريخ الفقه نفسه، وتاريخ الفقهاء ذاتهم، وهذا يعظّم التراث في نفس الفقيه من دون تقديس.

لهذا كله وغيره أقول:

إن الفقيه الذي ينتقي من تراثنا واجتهادات الفقهاء وفتاويهم،

لا يحل له أن ينتقي منها دون ثقافة تاريخية يميز بها بين الأقوال،

ويقف بها على حقيقة الاجتهادات، ويدرك بها سياقات الفتاوى.

من د. وصفي أبو زيد

متخصص في مقاصد الشريعة