إن الإنسان مجبول على حب الاستكشاف ومفطور على التطلع إلى المزيد من المعلومات في كل مجال من مجالات الحياة، وعلى أن المطالعة خير وأهم أداة للتوصل إلى المجهولات والحصول على المعلومات الجديدة وأقرب ذريعة للوصول إلى الهدف فإن الإنسان يحتاج إليها أكثر فأكثر، ولكن هل كل مطالعة توصل الإنسان إلى الهدف؟ وهل كل كتاب يستحق الاهتمام والقراءة؟ وهل كل كتاب تفتح للإنسان آفاق المعرفة؟ وما هي الطرق التي ينبغي أن يلجأ إليها الطالب للحصول على المطالعة الهادفة؟

إن كثيرا من الطلاب يعنون بالمطالعة، وقد يعطون جزءا كبيرا من وقتهم للمطالعة، فيطالعون في الكتب وفي الصحف والمجلات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي هم مغرمون بالمطالعة في بياض اليوم وسواد الليل إلا أن مطالعاتهم عشوائية لا تخضع للمنهجية ولا تخدم هدفا خاصا، فليس أمامهم غاية وليس أمامهم هدف واضح من مطالعاتهم، إن هذا النوع من المطالعات وإن كانت تفيد جزئيا  كالحصول على التعابير الجميلة والكلمات الرائقة وتزيد في رصيد الطالب اللغوي إلا أنها لا تنفع كثيرا في مجال تنمية الفكر وتثقيف العقل وتغذية الروح والعقل.

وكثير من الطلاب يطالعون عن كل من هب ودب بغض النظر عن الانتماءات المذهبية والفكرية والعقدية للكاتب مما يورث الاضطراب والبلبلة في الفكر وربما يؤدي إلى الانحراف العقدي. ويؤثر سلبا في الطالب بدل أن ينهض به ويدفعه إلى الأمام.

والبعض يطالع شيئا من الكتب الأدبية والصحف والمواقع ويشدو شيئا من اللغة ويحفظ عددا من التعابير والكلمات، فيستعملها في كتاباته ويظن بهذا أنه أصبح منفلوطي العصر وطنطاوي الزمان!

فيستغني عن الاسترشاد والمشورة مع أهل الرأي والفكر والخبرة ظانا أنه أصبح إمام العصر!

وهو ما يجعله بعيدا عن هدفه ويحرمه عن كثير من الخيرات، ويجعل حياته الكتابية عشوائية.

إن أهم شيء في المطالعة هو تعيين الهدف، أن يعرف الإنسان ماذا يطالع ولماذا يطالع؟ ومن المعلوم أن كثيرا من الكتب هي بمنزلة السم القاتل، تصيب ذهن الطالب وتصرفه عن هدفه وتبذر في وجوده بذور الشك والشبهات.

لذلك فإن الطالب الذي شغلت المطالعة جزءا كبيرا من وقته عليه أن يدرك أولا لماذا يطالع، وماذا يجب أن يطالع،  وما هي الأوقات التي ينبغي أن يطالع فيها؟

وعلى أن تكون المطالعة والقراءة هادفة وبناءة على الطالب أن يقوم بالأمور التالية:

1- قبل كل شيء لا بد أن يعرف الطالب عند المطالعة ما هو الهدف من مطالعة هذا الكتاب، ويتساءل ماذا يريد بالضبط من مطالعة الكتاب؟

2- يوزع أوقاته حسب أهمية الموضوعات وخطورتها ويقدم الأهم فالمهم. ومن المعلوم أن الكتب المنهجية يجب أن تكون في مقدمة عناية الطالب، وبعد الفراغ من الكتب الدراسية يجعل قائمة من الكتب التي من المقرر مطالعتها، فيقدم ما يستحق التقديم.

3- يطالع تحت إشراف متخصص وماهر في الفن الذي يطالع فيه، فإنه ليس كل كتاب يستحق الاهتمام والقراءة.

4- يطالع في الموضوعات المتنوعة، وإذا كان في الصفوف الابتدائية والمتوسطة فيعنى بالكتب الأدبية واللغوية، وفي الصفوف العليا يعنى بكتب الفكر والدعوة والتربية وعلم السياسة والاجتماع وعلم النفس وغيرها من الفنون التي يشعر بالنقص فيها.

5- يطالع الكتب الأصعب في الأوقات التي هو مرتاح البال كبعد صلاة المغرب والأسحار وما إلى ذلك، أما الكتب السهلة التي لا تحتاج إلى إمعان ودقة بالغة فيطالعها في الأوقات العامة، ويطالع كتب الروايات في أوقات التعب والنصب.

6- وليجتهد قدر المستطاع أن يهيئ لنفسه مكانا مريحا وجوا مناسبا للمطالعة لئلا يشغل البال وينسرح الفكر.

7- العبرة بالكيفية لا بالكمية؛ الكثير يطالع الكثير ولا يفهم إلا القليل ولا يركز على العبارات ليفهمها ويستسيغها، فإن هذه السطحية لا تجدي نفعا كثيرا، لذلك لا بد من الإمعان والفهم والإتقان.

عبد الرحمن محمد جمال

من عبد الرحمن محمد جمال

مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.