بعد أحداث الحادي من سبتمبر مباشرة ذهبت إلى العمرة مع اثنين من الإخوة؛ وكانت الأجواء العالمية والمحلية متوترة وفي غاية الاحتقان، وقد وافق شهر رمضان المبارك بداية فصل الشتاء في تلك الآونة.

وكان الحدث المذهل مازال هو موضوع حديث أكثر الناس حتى بعد مرور عدة أشهر؛

حتى أنني سمعت أخاً أمريكياً مسلماً من أصول مصرية؛ يحدث الناس في صلاة الفجر بأحد الفنادق عن تزايد أعداد المسلمين الجدد هناك بعد الحدث في تضاد ظاهري عجيب!

وفاة شارون

وأذكر أنني نمت يوماً في مكان تمركزنا بالدور الثاني بمسجد الحرم المكي الشريف، ثم صحوت على جلبة وضجة كبيرة،

والمعتمرون يكبرون بصوت مرتفع يرج المسجد رجاً، لشائعة أذيعت بين الناس مفادها وفاة شارون،

وكان الناس في سخط شديد لاقتحامه المسجد الأقصى الشريف وقتل الطفل الشهيد محمد الدرة وما تلاها من أحداث!

قمت فزعاً متحفزاً ولم يقع في نفسي أو أتوقع أو أظن سوى أمر واحد فقط، وهو خروج إمام لا محالة خارج وأن بيعته قد حانت.

أعلم أن أغلب أحاديث المهدي فيها ضعف عند كلا الفريقين الكبيرين -السنة والشيعة- وكثير جداً من أحاديث الأخبار كذلك فيها ضعف،

وربما يرجع ذلك لعناية المحدثين الأوائل بأحاديث العقائد والعبادات والأحكام بدرجة أكبر من غيرها.

ولكن ذلك لا يعني عندي تكذيب كل ما هو ضعيف أو اعتباره مكذوباً -ما لم تكن درجته كذلك عند المحدثين-

فمعلوم أن الضعيف هو ما لم يستوفي شروط الصحة؛

وقد بلغت أحاديث المهدي عليه السلام مبلغاً عظيماً في كتب الأحاديث عند المسلمين، ولم يختص بها الشيعة ولا الإمامية فقط.

إمام آخر الزمان

كما كنت أعرف جيداً أن مبعث إمام آخر الزمان لابد أن تسبقه وتمهد له أشخاص وأحداث اجتماعية وسياسية واقتصادية، لم تتوفر آنذاك ولم تقع أو تظهر حتى الآن،

وأن فرقاً وجماعات أخطأت الاجتهاد وتاهت عن الطريق بظنها خروج الإمام -وهو لا محالة خارج- دون مراعاة تلك العناصر والأسباب؛

بدءًا من حركة سيدنا محمد بن عبد الله النفس الزكية عليه سلام الله، وحتى حركة الجهيمان والقحطاني غفر الله لهما.

ورغم كل ذلك فقد انتصبت واقفاً وأنا أهم بمبايعة المهدي إن كان هناك، حتى ظننت أنني لو تريثت حتى أنزل إليه لكان ذلك توانياً عن بيعته،

وأنني لو قفزت من الدور الثاني لحُمِلتُ إليه وما ضيعني الله!

قد يبدو هذا كلاماً ساذجاً وكذلك هو العقل إن اشتدت عليه قساوة الواقع، وأعجزته أسباب التغيير؛ وهيمنت عليه «غيبية» الرغبة،

وتحكمت فيه النزعة الكراماتية؛ تجاوز كل المعقول مما يعلم محاولاً صنع واقع جديد ولو كان في مخيلته.

فئة واحدة تجاوزت ذلك وصنعت سبتمبر، عزموا العزمة ومضوا، يقولون عنهم ضلوا، ويقولون زلوا،

ويقولون بل صنعتهم أمريكا لتضرب أمريكا، لكنهم أثبتوا قوة العزمات والقدرة على صناعة الحدث.

من د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر