الخبير السياسي والمحاضر في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية.. د. عمرو الديب، مدير مركز خبراء رياليست الروسي، حاورناه عبر «الواتس آب» ليكشف لنا مستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يواجه العزل بسبب سوء استغلال السلطة، ومستقبل العلاقات الأمريكية الروسية حال تم الإطاحة به أو بقائه على رأس الإدارة الأمريكية لفترة ثانية.. ويكشف حقيقة العلاقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي.
حوار: أبوبكر أبوالمجد
• لماذا بدأ الضغط على الرئيس دونالد ترامب، مبكرًا، وفريق عمله الانتخابي واتهامه بالتدخل الروسي لحسابه في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
•• بدأت الاتهامات لدوناد ترامب وحملته الانتخابية مبكرًا بمجرد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، وهذا حقيقي وكان واضحًا جدًا؛ غير أن اللجنة المعنية بالتحقيق في التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية لم تتوصل لشيء حتى الآن، ما أثبت عدم جدية هذه الاتهامات، وأنها لم تكن سوى محاولة للضغط النفسي على شخص ترامب، لأنه كان قد وعد أثناء حملته الانتخابية بأن يذيب الجليد الذي بين الولايات المتحدة وروسيا، وأنه سيتعاون معها في محاربة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، وبالفعل حقق هذا الضغط هدفه، حيث استمرت العقوبات الاقتصادية على روسيا، بل ودعى الرئيس الأمريكي حلفاءه الأوروبيين في الاستمرار في فرض هذه العقوبات على روسيا، حتى أنه بدأ يحاربها بطريقة أخرى، عن طريق بيع الغاز المسال لأوروبا والتأثير على حصتها من السوق الأوروبي للغاز، وحتى حصة السوق الأوروبي لروسيا من النفط يريد دونالد ترامب التأثير عليها، وليس فقط في أوروبا، بل وفي الصين أيضًا، حيث أرسلت الولايات المتحدة في وقت ما قبل الحرب التجارية مع الصين، شحنات نفط وغاز مسال أمريكي من أجل فقط أن يكون لها حصة من النفط والغاز في السوق الأوروبي والصيني.
•«الخلافات الروسية الأمريكية أعمق
من أن يحلها رئيسا الدولتين أيًا من كانا»•
كذلك مشروع نورد ستريم 2، والعقوبات عليه خير دليل أن ترامب يتبع سياسة تصب في صالح أمريكا فقط لا غير، ونالت هذه السياسة استحسان الديمقراطيين، ما يجعلنا نقول أن هذه الاتهامات أفشلت خطة ترامب نحو روسيا أو غيرت مسارها لحساب أمريكا فقط.
• ولكن البعض يقول أن قرارات ترامب في منطقة الشرق الأوسط وسياساته صبت في صالح بوتين والتمدد الروسي خاصة في منطقة الشرق الأوسط؟
•• من قال أن سياسات وقرارات الرئيس الأمريكي صبت في صالح روسيا، أو فلاديمير بوتين؟.. على العكس تمامًا، لم تستفد روسيا ولا بوتين بأي حال من الأحوال من قرارات وسياسات دونالد ترامب في الشرق الأوسط، والقرار الوحيد الذي صب ربما في صالح روسيا، هو قرار الانسحاب من سوريا، وحتى هذا القرار لم يستطع تنفيذه نظرًا لمعارضة الكونغرس والبنتاجون له، وهي الآن تحتل مواقع هامة في سوريا سواء في الشمال الشرقي السوري أو بالقرب من الحدود الأردنية السورية، وحتى في الجنوب من أجل حماية الحدود السورية الإسرائيلية، وإذا كانت ثمة استفادة من قرارات ترامب، فالمستفيد كان أردوغان وتركيا.
وروسيا هي التي حاربت ودفعت الأموال وقتل منها من قتل، وفي النهاية هناك قوة أمريكية موجودة، صحيح أنها ليست بحجم القوة الروسية، ولكنها متواجدة عسكريًا في النهاية، وهناك قرار أمريكي لا يمكن أن يتم شيئًا في سوريا بدونه.
•«قرارات ترامب صبت في صالح أمريكا فقط
وقرارات بوتين صبت في صالح ترامب»•
أنا شخصيًا، أرى العكس، فقرارات بوتين هي التي تصب في صالح ترامب، فروسيا بعد حوالي 4 سنوات من الحرب في سوريا، وبعد المليارات التي أنفقتها، هل تستطيع إقرار شيء دون موافقة الولايات المتحدة؟! بالطبع لا، وقد رأينا جميعًا إلى ماذا أفضت سلسلة مفاوضات أستانا بين المعارضة والحكومة السورية.. لم تسفر عن شيء ولن تسفر عن أي شيء، لأن الولايات المتحدة لم تحضر ولم تكن راضية عنها.
أي قرار في سوريا لا بد أن يتم بموافقة 5 دول هي الولايات المتحدة، وروسيا وإيران وتركيا واسرائيل، بنسب متفاوتة، ولكن في النهاية لا بد أن ترضى هذه الدول على أي قرار في الداخل السوري.
• هل تتوقع حدوث اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في قابل الأيام سواء حال بقي دونالد ترامب على رأس الإدارة أو رحل؟
•• بصفة شخصية لا أتوقع ذلك لأن الخلافات الروسية الأمريكية أعمق من أن تكون مجرد خلافات بين شخصين على رأس السلطة هنا أو هناك، الخلافات قوية في العديد من الملفات سواء في منطقة بحر البلطيق أو في آسيا الوسطى أو في منطقة الشرق الأوسط، أو في منطقة القطب الشمالي، جميع المناطق التي تتشابك فيها المصالح الأمريكية الروسية هي مناطق خلاف، وهذه الخلافات يصعب بل يستحيل على الرئيس الحالي أو أي رئيس جديد حلها، وليس هذا خاص بالرئيس الأمريكي فقط، فحتى الرئيس فلاديمير بوتين يصعب عليه إنهاء هذه الخلافات وتصفيتها لأن في داخل روسيا أيضًا مؤسسات ومراكز حكم لديها حسابات ومصالح مرتبطة بالأمن القومي الروسي بشكل عام، فعلى سبيل المثال إذا قرر بوتين غدًا الخروج من سوريا، ربما تعارضه المخابرات الروسية، ووزارة الدفاع، نفس الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر هنا لا يتعلق بالرؤساء أو رؤوس الإدارة في البلدين، ولكن يتوقف إلى مدى قبول الطرفين بحل وسط لجميع الملفات المرتبطة بين الدولتين، ولا ننسى أن روسيا اليوم على قائمة الدول العدو للولايات المتحدة الأمريكية طبقًا للعقيدة العسكرية الأمريكية، وهو نفس الأمر بالنسبة للجانب الروسي.
•«التدخل الروسي في نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية
اتهام غير جدي واستخدم للضغط على ترامب»•
لذلك أرى أن الأمر مرشح للتطور في الاتجاه السلبي وليس الايجابي، لكن لن يصل الأمر للحرب المباشرة، ولن تصل الأمور إلى مواجهة يخسر فيها الجميع كل شيء، ولكن ستظل الأمور كما هي خلاف في بعض الأمور واتفاق في أخرى، والعكس.. تمامًا مثلما جرت إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق.
• هل تتوقعون عزل ترامب حقًا؟
لن يتم عزل الرئيس دونالد ترامب لسبب بسيط جدًا، أن مجلس الشيوخ لن يسمح بذلك، فالغالبية الجمهورية داخل مجلس الشيوخ لن توافق بحال على مثل هذا القرار، الذي يعزل رئيس ينتمي لحزبها مهما كانت الخلافات الداخلية، لأنه حال تصويت الأغلبية الجمهورية لصالح هذا القرار، فذلك من شأنه قطعًا التأثير على المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، وفرص فوز المرشح الجمهوري فيها بعيدًا عن شخص دونالد ترامب.
•«سيفشل الديمقراطيون في عزل
ترامب وأتوقع فوزه بولاية ثانية»•
• إذا لماذا أقدم الديمقراطيون على هذه الخطوة، فالمنطق ما قلت، أن الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ محال أن تصوت لصالح قرار بعزل رئيس ينتمي لها؟
•• في رأيي، أقدم الديمقراطيون على هذه الخطوة رغم علمهم المسبق بأنها ستبوء بالفشل ربما لرغبتهم التشويش والتأثير على فرص دونالد ترامب في النجاح بالانتخابات الرئاسية المقبلة.. يمكن أنهم تصوروا أن ما قاموا به سيكون له تأثير سلبي على ترامب في الانتخابات.
• وهل نجحوا في ذلك؟
•• لا أرى أن الخطوة التي أقدموا عليها حققت لهم مرادهم، بل إني أرى أنها سيكون لها مردود عكسي بالنسبة للديمقراطيين إذا ما خرج ترامب من هذه الأزمة، وسيكون لها تأثير إيجابي عليه خاصة وأن دونالد ترامب له نجاحات كبيرة جدًا على مستوى الاقتصاد الداخلي والمستوى الاجتماعي، وهذا أكبر ما يهم الناخب الأمريكي، إضافة لما حققه للجالية اليهودية وإسرائيل من انتصارات تاريخية سواء بالاعتراف بتبعية مرتفعات الجولان لإسرائيل، أو نقل السفارة الأمريكية فعليًا إلى القدس، ما يجعله ضامنًا لأصواتهم ودعمهم المادي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
• إذا تتوقع فوز ترامب بولاية ثانية؟
•• نعم أتوقع فوز دونالد ترامب بولاية ثانية لسببين رئيسيين، أولا لأنه نجح في العديد من الملفات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية، والسبب الثاني أن المرشح الأقوى أمامه هو جو بايدن، وهو ليس بالشخصية الكاريزمية أو الشخصية التي يمكن أن يكون لها فرص في النجاح أمام شخصية مثل شخصية ترامب، لذلك أظن أنه سينجح بأريحية لأن يكون الرئيس لفترة ثانية.
~~~~~~
من هو د. عمرو الديب؟
الاسم: د. عمرو محمد الديب
المدينة: موسكو
الجنسية: مصر
المستوى التعليمي: جامعة المنوفية، جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية
الدرجة العلمية: دكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية في نيجني نوفغورود، الإتحاد الروسي
التخصص: تاريخ العلاقات الدولية
الاهتمامات العلمية والعامة: سياسات الشرق الأوسط، تكنولوجيا الثورات الملونة، الجيو بوليتيكا والجيو ايكونوميك، السياسة الروسية في الشرق الأوسط، العلاقات الروسية-العربية والسياسة الروسية في منطقة دول الإتحاد السوفيتي السابق
مكان العمل: مدير مركز خبراء رياليست (النسخة العربية)، أستاذ في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي، جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية في نيجني نوفغورود
عمر الكومي