كان إبراهيم يقتدي في عبادته وزهده وبساطة عيشه بما علم من هدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أصحابهم، ثم التابعين لهم بإحسان، رضي الله عنهم ورضوا عنه.

 

فقد كانوا أزهد الناس في حطام الحياة الفانية، رغبة في الآخرة الباقية. وهذا سيدهم وسيد ولد آدم عليه السلام لم يشبع قَطّ من خبز الشعير، وكان غالب طعامه الأسودان، التمر والماء، وكانت الشهور تنقضي شهرًا تلو شهر بدون أن تُوقد في بيته الشريف نار لطهى الطعام، وكان ينام على حصير خشن، ووسادته محشوّة بالليف رخيص الثمن.

 

ثم كان إبراهيم بن أدهم هو نفسه أحد رواة الحديث الشريف: “قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس” رواه الحاكم والبيهقى والطبراني وابن ماجه وغيرهم.

 

وهو أيضًا أحد رواة حديث آخر: عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “شدة الجوع يوم القيامة لا تصيب الجائع إذا احتسب في دار الدنيا”.

 

وروى إبراهيم كذلك أن تفسير حسن الخلق هو الرضا بما أصاب من الدنيا، وعدم السخط إذا فاته ما يتمنى، بل يحمد الله تعالى على كل حال.. وكذلك بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده” رواه البخاري.

 

ولا شك أن عالمًا عاملًا -كإبراهيم بن أدهم-لن يجهل أو يتجاهل تلك النصوص وغيرها، وهو أولى من غيره بتطبيقها في حياته الخاصة.. وكذلك فعل رضي الله عنه وأرضاه.