للإنسان مهام كبرى في هذه الحياة، كلفه الله تعالى بها، منها: الاستخلاف، ومنها العبادة، ومنها عمارة الكون.

وبعض الطيبين من المتدينين يرى أن حياته الوظيفية شيء ثقيل تحول بينه وبين روحانية يتشوق إليها، ويتمنى التفرغ من الوظيفة ليعيش حياة تعبد واجتهاد في عمل دعوي أو خيري.

ولا أدري من أين جاء هذا الفكر الغريب، ومن الذي أخرج الوظيفة عن جادة الطريق الموصل إلى الله،

ومن الذي جعل الوظيفة والعبادة نقيضين لا يجتمعان، اللهم إلا الفهم الخاطئ لجملة المهام التي كلفنا الله بها.

فالوظيفة بالمنظار الإسلامي الأوسع جزء يتحقق به مفهوم الإعمار الذي يؤجر المرء عليه، وسبيل الله واسع، وهي جزء من سبيل الله،

ولمثل هؤلاء جاء تصحيح النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المفاهيم الخاطئة ففي الحديث:

عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: مرَّ على النَّبيِّ ﷺ رجلٌ؛ فرأى أصحاب رسول الله ﷺ من جَلَدِه ونشاطه،

فقالوا: يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله؟

فقال رسول الله ﷺ:

«إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ،

وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبيرَيْنِ فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ،

وإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يعِفُّهَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ،

وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبيلِ الشَّيْطَانِ».

د. أحمد زايد

من د. أحمد زايد

أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر