طارق فكري

طارق فكري

– رمضان أقبل علينا فابتهجت القلوب وبشت الوجوه وفرح الكبير والصغير رغم ما فيه من جوع وعطشٍ وإمساك وحرمان من الشهوات، وهذه غريبة أُعِدها معجزة من معجزات رمضان، فأي عمل في حياتنا يرتبط بالجوع والعطش وحرمان النفس لا يقابله فرح ولا شوق إليه حتى ولو حصلت على مكاسب مادية منه قد تؤديه ولكن تؤديه بدون فرح ولا شوق إلا صيام شهر رمضان تنفق فيه المال للفقراء وتجوع وتعطش وتُحرم حظ النفس وتصلي وتسهر، وتتبدل أوقاتك وأعمالك، ورغم ذلك فرح مشتاق تحزن عند أُفوله، فيمنحك الله الجائزة الكبرى وهو عيد الفطر ليعيد لك الفرح،ولا يفطمك كُرها حين تعلقت بنفحته العظمى، وأيامه المباركة.

 

-أجد السر في ذلك يكمن في كون رمضان زاد…..

 فكما أن الجسد ذو القبضة الأرضية يحتاج لزاده من خشاش الأرض: طعام،وشراب، ونوم، ودواء، فكذلك النفس ذات النفخة السماوية تحتاج لزادها من وحي السماء : صيام، وصلاة،وقرآن، وإنفاق……

 نفس متعبة وقلب قسى فمرض بحب الدنيا وأطماعها، جسد يتلذذ بطعامه وشرابه وشهواته والاعتناء به، ونفسٌ محرومة لا تجد لذة ولا راحة ولا سكينة ولا اعتناء، فأتى رمضان ليمنحها لذة الطاعة والقرب من الله ليهذبها بأخلاق الصيام ويضبطها بروحانيات القيام، ليرقيها من الأرضية إلى السماوية ومن البشرية إلى الربانية ؛ وعليه وجدت النفس راحتها ومنتهى ساعدتها ففرحت بقدوم رمضان رغم ما يعانية الجسد من التعب والنصب.

 – إذا أردت أن تتحصل على زاد رمضان وروحانياته الربانية وسكينته القلبية التي تتغشى الصائمين الصادقين فما عليك إلا أن تتبع التعليمات الربانية والهدي النبوي، فمعه الشفاء وبه بلوغ المرام لمن أراد السلامة في الدنيا والنجاة في الآخرة…..

 فإن مريض الجسد إذا ابتغى الشفاء أخذ الدواء بالطريقة والكيفية التي قررها الطبيب، فعندما يقول له الطبيب تأخذ من الدواء مقدارا معينا في توقيت معين، ولا تأكل أطعمة بعينها ولا تفعل كذا وكذا.. فإن لم يتبع تعليمات طبيبه لن يشفى من مرضه ولن يبرأ من سقمه، هكذا الصائم في رمضان إن لم يتبع هدي طبيبه محمد رسول الله صل الله عليه وسلم لن يحصل على الزاد ولن ينتفع بصيام رمضان وتظل نفسه مريضة وروحه متعبة وقلبه قاس، لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.

 ، ولما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال “الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين.

أخي الحبيب : رمضان فيه الزاد والدواء فلا تُضيع زاده ودوائه بتعاطي ما يتنافى ويتعارض مع حرمة الشهر وروحانيات الصيام لتحصل على نفسٍ زكية وقلب سليم قال الله (قد أفلح من زكها، وقد خاب من دساها ) الشمس آية ٩،١٠.

 – رمضان يمنحك زاد الرحمة لأن الرحمة تأتي من الألم فكما أن الله جوع النفس حتى تألمت ؛ فذلك ليُخرج منها الرحمة بالفقير والمسكين واليتيم الذي لا يجد طعامه وشرابه.

 

– رمضان يمنحك درعا تتقي به فتن الدنيا وُمغريات الحياة وطمع النفس وطموحها ألم يقل ربكم ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلك لعلكم تتقون ) التقوى هنا هي درع تُتقى به وحصن تتحصن فيه، لما لا والعبادة والطاعة في رمضان أهون على النفس وأخف على الجوارح في غير رمضان رغم كثرتها وطول ممارستها في رمضان ؛ وبذلك فالتقوى زاد قال الله ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ).

 – رمضان زاد لهويتنا فمثل هذه المواسم العبادية والنفحات الربانية تُمد هوية الشعوب المسلمة بالقوة وتمنحها البقاء والاستمرارية، وتُمثل حائط صد أمام أعداء الهوية الإسلامية، فرمضان يصبغ المجتمع بالصبغة الإسلامية قال الله ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة )، فأنا مع الاحتفاء برمضان بمظاهر الزينة والعادات التي لا تخالف الشرع ففي ذلك إمعانا لأثر رمضان في استرداد هويتنا الإسلامية وترسيخها،كما ورمضان شعيرة من شعائر الله يجب تعظيما والاحتفاء بها قال الله ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ).

 – تزودو من رمضان وزودوا به عن هويتكم الإسلامية

 واتقوا به شيطان يتربص بكم ونفس قد ألهمها الله فجورها وتقواها.

من طارق فكري

باحث في الشئون السياسية والإسلامية