لما سمعت بأن المافيات الحاكمة ونخبهم الذليلة صنفوا اتحاد العلماء المسلمين لم انزعج بل استغربت من غباوتهم: فهذه علامة على إفقاد سلاحهم الأخير لكل فاعلية. فكل مفهوم إذا أطلق وتجاوز حدا معقولا من التعميم يفقد فاعليته المحددة للهدف الذي يمكن تحقيقه به.

إذا كان أغبى خلق الله من طراطير الحكم في بلاد العرب والمطبلين لهم هم من يصنف البشر في أوطانهم فذلك اعتراف منهم وممن يسمعهم في العالم بأن عصرهم قد آذن بالغروب. فالسيسي وحفتر وبشار وبصورة أوضح كل ولاة المحميات العربية وسفهاء النخب التي تدعي الأصالة والحداثة وصلوا إلى نهاية الطريق.

وليس عجيبا ولا غريبا أن يكون ذلك بوحي من عملاء سفيه أمريكا وصهره. فهذا مفيد جدا في المعركة الجارية حاليا في إقليمنا: ذلك أنها أصبحت معركة ضد سفهاء العالم وكل عقلائه سيكونون إلى صنف من صنفهم هؤلاء الأنذال الذين يمثلون الجهل والأمة وعنجهية الحمقى من حكامنا ونخبنا بصنفيهما.

فحكامنا الذين هم ولاة المحميات العربية لإسرائيل وإيران وبعض شوق الاستعماريين المهزومين ممن فقدوا إمبراطورياتهم كلهم لا يمثلون إلا الماضي الذي لم يعد يؤمن به لا شبابنا ولا شباب الغرب: هم ثمالة التخلف الخلقي والسياسي: لم يعد العالم الذي نرى بزوغ شمسه يقبل أن يصنف الأميون العلماء.

ظويبت في مخابرات محميات العرب أصبح سلطة تصنف المواطنين حتى يبقى سنة أو سنتين في خدمة ولاء المحميات العربية تلك هي حال هؤلاء الحمقى الذين صنفوا كل شعبهم في خانة الإرهاب. فلا توجد أمة في العالم يمكن أن تقبل الرد إلى بعض العملاء من المخابرات والجيش والأمن والنخب من العملاء.

كان الغرب ولا يزال يقود العالم منذ أن انحطت الحضارات الأخرى المنافسة له بمنطق قلة مافياوية خارجه بدعوى الحرية والتقدم في الداخل. لكن كذبة تعميمها بالبروباغندا مع بقاء نفس المنطق عمم في الداخل ما كان يحكم به في الخارج: المنطق المافياوي كما بين دور بوتين في انتخاب ترومب.

وسنرى قريبا أن معركتنا مع طراطير العرب تمثل بداية مع كل طراطير العالم وخاصة في الغرب نفسه: لأن أوروبا يحكمها طراطير سلطان خفي لمافية العجل الذهبي وأصبح بيّنا أن كل حكامهم لا يمثلون إرادة شعوبهم بل إرادة مافية البنوك والمال والسلطة الخفية للأجهزة الاستعلامية والعسكرية.

وهو ما يعني أن الإسلام مرة أخرى سيحرر البشرية من أعداء الحريتين: الروحية التي يريدون قتلها بالكنسية الجديدة التي يمثلها الأعلام المأجور والسياسية التي يريدون قتلها بالمافية الجديدة التي تمثلها البنوك والربا الجديد وهما يمثلان دين العجل الذهبي: بماله (البنوك) وبخواره (الإعلام).

ولا تعجب فالذراعان في الإقليم (إيران وإسرائيل) كلاهما يحكم بعقيدة دينية محرفة (أسرة الله المختارة وشعب الله المختار) ويسعى إلى استرداد امبراطورية سابقة على التاريخ الإسلامي ومن يحميهما يحكم بعقيدة أكثر تحريفا فتح العالم بالمسيحية الصهيونية الشيوعية الصهيونية ترجمة لهذين التحريفين.

ومن يحتمي بهما وبسندهما ليس إلا جوهيم العالم من المسلمين أما أحرارهم ومعهم كل حر في العلم فهم مرة أخرى وبالإسلام الذي حرر الإنسانية من دين العجل أو الكنسية والمافوية فهم سيعيدون الكرة في مرحلة الاستئناف لتحرير الإنسان منهما بثورة ظنوها لعب اطفال وهي زلزال كوني.

ولأذكر بمفهوم الحرية الروحية. فهي تعني إيجابا العلاقة المباشرة بين الإنسان وربه وسلبا التحرر من الكنسية التي يعتبرها القرآن علة التحريف لان أغلب الكهنوت فاسقون. وما يصح على الكنسية الدينية اصح على الكنسية العلمانية التي مثلها قادة الرأي العام والإعلام المخشوشين.

ولأذكر بمفهوم الحرية السياسية. فهي تعني أن الامر أمر الجماعة وليس أمر مافية سواء كانت قبلية كجل بلاد الخليج أو مافية عسكرية كباقي العرب وكلتا المافيتين لا تحمي البلاد ولا العباد ولا ترعى إلا أعضاء المافية المحلية القبلية والعسكرية في خدمة حاميتها الدولية كمجرد ولاة في محميات.

وهذا المفهومان يمثلان أساس النقد القرآني أو فلسفته التاريخية للتجارب السابقة في الأديان والسياسات واليوم بتنا نرى التحريف والجاهلية يتحالفان ضد أحرار اقليمنا والعالم وكلاهما ماثل أمام أعين الجميع في ذراعي الاستعمار وفي حكامنا ونخبنا التابعين لهم لحماية مافيتهم ضد الشعوب.

ولما كان قد عما بدليل ما يحدث في الغرب نفسه وفي أمريكا خاصة فإن كل أحرار العالم سيكونوا إلى صفنا إذا عرفنا كيف نخاطبهم وتحررنا من كاريكاتور التأصيل من أمراء حرب السيف وفقهائهم ومن كاريكاتور حرب القلم وفقهائهم حربهما على ثورتي الإسلام هذين. تلك هي طريق خلاص الإنسانية من العبودية.

من د. أبو يعرب المرزوقي

فيلسوف عربي تونسي