منذ عدة سنوات -وبالتحديد في شتاء 2015م- كنت على موعد مع رجل بارز من نخبتنا المصرية في منزله، وهو شخصية عامة معروفة له ثقلها ومكانتها.

وتزامن هذا اليوم مع انفجارات باريس الشهيرة التي هزت العالم كله..

المهم أن سكرتيره الشخصي جاءه ببيان فهمتُ أنه للنظر فيه قبل إرساله إلى عدد من وكالات الأنباء والصحف والمواقع العالمية.

أخذ السكرتير يقرأ البيان وسط امتعاض خفيف مني حاولتُ إخفاءه؛ لكني في النهاية ظللتُ صامتًا،

إلا أن صاحب الدعوة كان من الذكاء ما يكفي لملاحظة ذلك، فطلب من السكرتير أن يتريث قليلا ولا يرسل البيان إلا بعد أن يأذن له.

خرج السكرتير غارقا في دهشته لأن الرجل كان متعجلا  في إرسال البيان منذ الصباح!

هنا بادرني الرجل بسؤال عن رأيي في البيان؛ قلت له: تسأل عن فكرة البيان من الأصل أم عن صياغته؟

وفهم الرجل ما أرمي إليه فقال عن جدواه وفحواه..

قلت له إنني متحفظ على إصداره البيان من الأصل، فلماذا يبادر إلى نفي التهمة عنا كمسلمين رغم أن التحقيقات لم تنته بعد هل هو من باب كاد المريب أن يقول خذوني؟!

والحقيقة لقد خيب الرجل ظني فالغى البيان ورفض إرساله!

 لا ريب أن ذلك الاتهام هو نتيجة للربط الذهني الدائم بين الإسلام والإرهاب ومصطلح الإسلاموفوبيا!

وهنا بيت القصيد!

لقد نجح إعلام الغرب المسيطر في إلصاق التهم بنا رغم أن الأديان لا تدعو إلى الإرهاب؛

لكن بعض أتباعها وسوء تفسيراتهم للنصوص هما المتسببون في ذلك، فالحروب الصليبية قامت بسبب تأويلات خاطئة للكتاب المقدس..

وحرب بوش الأب والابن على العراق كانت لأسباب لا يمكن إغفال التعصب الديني عنها وتحقيقا لنبوءات خاطئة!

كم من الآلاف وقعوا ضحايا الثورة الفرنسية والبلشفية والحروب العالمية بين أصحاب الديانة الواحدة دون أن نسمع كلمة إرهاب!!

لكن عندما يُمسك رجل له لحية قصيرة في حادث مرور يسارع الغرب إلى إلصاقه بالإسلام ويطلب تجديد الخطاب الديني!

أمس طلب الرئيس الأوكراني متطوعين في حربه ضد روسيا فلم يتهمه أحد بإحياء فريضة الجهاد على النسق الإسلامي!

كذلك أعلنت الحكومة الأوكرانية عن فتح باب التبرع المالي لمساندة الأوكرانيين في حربهم فلم يتهمهم أحد بتمويل الإرهاب كما حدث في فلسطين والعراق وغيرها!

لقد رأينا رأي العين كيف تبيد الطائرات الروسية الأوكرانيين وكيف تمتطي الدبابات سيارات المدنيين الروس وتقتل من بها دون رحمة، فلم نجد من يتهم دين الروس بالإرهاب!

أليس هذا هو التطفيف بعينه؟!

#المطففون

 

وليد كسّاب
Latest posts by وليد كسّاب (see all)

من وليد كسّاب

عضو اتحاد كتاب مصر