د. صالح الرقب، أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين

إنّ الدينَ الإسلامي هو الدّين السماوي والوحيد الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين الموحّدين، وما عداه فهي أديان بشرية مصطنعة. الإسلام دينُ الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وبعث به كل الرسل ليُبلغوه للناس، ودعا له الرسلُ ونشروه في أرجاء المعمورة، فهو أصلُ رسالتهم الذي اتّحدوا عليه، وانطلقوا منه، فكان هو دينهم جميعاً، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ}

[آل عمران: 19].

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يقْبَلَ مِنْهُ وَهوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}

[آل عمران: 85].

إن الإسلام ينقسم من حيث المعنى إلى عامٍّ وخاص: فالإسلام العامُّ: هو الدين الذي جاء به الأنبياء جميعًا. وهو الاستسلام التام لله والانقياد له وعبادته وحده لا شريك له. قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هدًى وَنورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾

[المائدة: 44].

وكما قال تعالى حاكيًا عن نوح عليه السلام:

﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 72].

وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا﴾

[آل عمران: 67].

وقال تعالى حاكيًا عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمِ﴾ [البقرة: 128]. وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يرغبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[البقرة: 130، 131].

﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90].

وقال تعالى حاكيًا عن سحرة فرعون:

﴿قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا منْقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مسْلِمِينَ ﴾

[الأعراف: 126].

وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مسْلِمُونَ﴾

[آل عمران: 52].

﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مسْلِمُونَ ﴾

[المائدة: 111].

والإسلام الخاص: هو الدين الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومفتاحه الشهادتان. وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلامَ بمعناه الخاص، وأنه الدين الذي جاء به، بقوله صلى الله عليه وسلم: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ محَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سبيلا».

من د. صالح الرقب

أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين