رضا بودراع

ما يحدث اليوم من تسليم دول من المغرب العربي وممالك الخليج للإمبراطور الصيني لأجل محدود وبثمن معلوم، هو نفسه ما حصل في عام 1939 ،

في هذه السنة لم تتمكن المملكة المتحدة  البريطانية من حماية نفوذها في العالم من القوة الألمانية الصاعدة ،

وقبل الغزو الألماني لبولندا بفترة وجيزة ، زار المبعوث البريطاني البيت الأبيض

وبقلق غير عادي، افتتح اللورد لوثيان الحديث مع الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين د. روزفلت.

قائلا  أن الحضارة الأنجلو ساكسونية، تحتاج إلى «وصي جديد»،

وأوضح لوثيان أن الصولجان خرج عن مسار بريطانيا ، وسيتعين على الولايات المتحدة تعويض مكانها “.

على الرغم من أنه تم إبلاغه بشكل غير رسمي، إلا أنه كان طلبًا غير عادي للغاية ، لقد كانت لندن مستعدة للتنحي وترك القيادة العالمية لواشنطن.

لكن روزفلت لم يكن مهتمًا،

وبردة فعل غاضبة  كتب «أعتقد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك صوابا.. من هم هؤلاء البريطانيون ليقوموا بتفريغ أعبائهم عند بابنا»

ففي  ذلك الوقت ، لم يكن لدى الولايات المتحدة جنود أكثر من بلغاريا ، ، لكن في عام 1940 ، أقنعت هزيمة فرنسا  على يد الألمان القادة الأمريكيين بضرورة التدخل.

في عام 1941، أعلن عن القرن الأمريكي وتشكيل «نظام عالمي بعد الحرب بقيادة الولايات المتحدة بقيمها ومؤسساتها وقوتها العسكرية».

طبعا بريطانيا فعلت كل ذلك على أمل العودة للقيادة مجددا ، لكن يبدو أن القرن الأمريكي انكسر في أفغانستان كما انكسر القرن البريطاني هناك قبل  1838_ 1842 .

وتبدو الآن قرون التنين الصيني  حيث وضعت الانكلوساكسون في نفس الوضع الذي تحالفت فيه القوى الصليبية مع المغول والتتر لمحاربة الخلافة الإسلامية

وهم الآن ينتهجون نفس الخطوات مع الصين ولكن أيضا على نفس الشرط الصليبي الأول  وهو أن يكونوا يدا واحدة على أمة الإسلام أو الإرهاب الإسلامي العابر للقارات كما وصفته الوثيقة الإستراتيجية للأمن القومي الأمريكي التي نشرت بتاريخ 12/11/2022

ما أريد أن أخلص إليه أن عملية تسليم القيادة أو جزء منها بين الأمم المهيمنة ، لتثبيت الهيمنة على أمة الإسلام وباقي الأمم المستضعفة ،

هو أمر متعارف عليه بينهم منذ تفكيك الخلافة الإسلامية .

وأن الأنكلوساكسون يدركون تماما أن القطب الحقيقي الذي يهدد حضارتهم هو القطب الإسلامي إذا انتظمت مرجعيته السياسية بقيادة الوحي .

أما التهديد الصيني فما هو إلا مسألة تقاسم نفوذ بحصص أكبر من الكعكة لا غير.

ولماذا لا يخسرون بعض الكعكة لصالح تنين صيني لادين له ولن يتورع في قتل  وإبادة اي قوة بنفس تحرري من الهيمنة العالمية  .

ان سجن 9 ملايين مسلم أويغوري وتسليط عليهم سيف ‘الحرب الشعبية ” ، والتي تقنن أن يدخل أي صيني في أي وقت لأي بيت من المسلمين ليجبرهم على شرب الخمر وأكل الخنزير بل ويبيت مع المرأة على فراش زوجها إمعانا في الإذلال ،

يبدو الأمر غريبا  ومروعا لكنه قانون موجود بالفعل تم إقراره في 2014

 على يد الرئيس شي بيينغ الحالي بنفسه .

وهناك أمر آخر للذين يصفقون للقطب الصيني على أنه  لم يكن قوة استعمارية وأنه سينتصر للقضية الفلسطينية

لهؤلاء المساكين أن يعلموا، أنه خلال المؤتمر الأمني التاسع الذي انعقد في مدينة هرتسيليا اليهودية، في شهر فبراير 2009، بحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين والخبراء اليهود، توصل المؤتمر إلى قرارات حاسمة تقضي بترقية العلاقات بين الصين وإسرائيل لتصل إلى مستوى «الحليف الإستراتيجي الجديد».

وكانت هذه خطوة استباقية من الكتل المالية اليهودية أن توزع أموالها وشركاتها بين أمريكا والصين ، لكي لا يفقدوا تأثيرهم الدولي في مرحلة تشكل عالم متعدد الأقطاب.

واضح أن بريطانيا تريد الاطمئنان على الدولة الصهيونية  لتحتضنها الصين في حالة التراجع الكبير لأمريكا .

وهي ذات الوظيفة التي كان  الإتحاد السوفييتي مكلف بها .

وقام بها على أكمل وجه مخادع للعرب والمسلمين .

يتبع…

من رضا بودراع

كاتب جزائري، وباحث في الشؤون الاستراتيجية