من التقرب لله تعالى أن يتعلم الإنسان علم ما يتمكن به من الدعوة إلى الله عز وجل؛ فمن المعلوم أن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).

والدعوة إلى الله تعالى واجبة على كل قادر عليها؛ فنحن أمة دعوة إلى الله، وقد كلفنا الله تعالى بما كلف به الأنبياء؛ قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]،

وهذه خاصية تشريفية لهذه الأمة؛ فذِكْر أمر الدعوة تضمن الإشارة للأمة التي تتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم  قولًا وفعلًا.

ورسولنا  صلى الله عليه وسلم  أكد هذا المعنى حين قال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»، وهو يوجب التبليغ عن الله ولو بآية واحدة أو حديث واحد، حين لا يعرف المرء غيرهما..

وما دام البلاغ والدعوة- للمسلمين ولغير المسلمين- واجبة، فينبغي لنا أن نقوم بها، وأن نشجع الناس على الاستجابة لها؛ حتى تصل لكل بيت مدر ووبر.

وبخلاف ذلك، فإننا يجب أن نسعى للتأثير في واقع الحياة: بعقيدتنا، وبأخلاقنا، وبمعاملاتنا.. فإن لم نكن نحن الدعاة،

 فمن يخبر الناس بالخبر الصادق النافع؟

ومن ينمي ثقافتهم في مجالات الحياة النافعة؟

ومن يسعى لتعليمهم المفيد من الأمور؟

 ومن يبصرهم بالمشكلات ويقترح عليهم الحلول؟

.. من يدافع عن حقوق الإنسان ويلفت النظر لقضايا المستضعفين والمهمشين؟

 ومن يبعد الناس عن الانحرافات ويحصنهم منها؟

ومن يرفه عنهم بطريقة مشروعة غير مسرفة؟.

ولا ريب أنه لا يمكن التأثير في جموع الناس في عصرنا إلا من خلال الإعلام؛ فالعمل الإعلامي غدا بابًا من أبواب التعاون على البر والتقوى المأمور به شرعًا.

وفي عصرنا هذا، ومع اتساع الرقعة المأهولة وتعدد ألسنة البشر وتنوع ثقافتهم؛ لا يمكن أن يتحقق هذا البلاغ والتبيين والتعاون والتثقيف والتغيير دون وسائل عابرة للقارات، مخترقة للحدود، متنوعة القدرات..

وهذا ما نطلق عليه بتعبيرنا المعاصر (وسائل الاتصال الجماهيرية)،

ومعنى ذلك في حقيقة الأمر أنه ينبغي لنا الاستفادة من علوم الاتصال والإعلام المختلفة، النظرية والعملية؛ للتأثير في الحياة وضبطها وفق ما يحبه الله تعالى ويرضاه؛ فالقيام بواجب الدعوة أو بيان الحق والإرشاد النافع؛ يقتضي الاجتهاد في التعرف على طرائق إيصال تلك الواجبات بأفضل سبيل وبيانها بأحسن بيان.