لم أر في حياتي زوجًا يبكي زوجته بمثل هذا الوله، وهذا الأنين، وهذا الفقد، الذي ارتسم على الوجه، فأخرج لنا أعظم صورة تعبر عن انكسار الرجل، بل تحكي في تجاعيد وجهه ودموع عينيه، قمة الوفاء والحب والإخلاص.

ترى يا خالد كيف كانت هذه الزوجة في حياتك حتى تبكي عليها هذا البكاء؟

من أي نوع كانت هذه المرأة حتى تخرج علينا في هذا الثوب النادر من حزن الرجال؟

أجزم أنها كانت شيئا عظيما، وحبا عظيما، وعشرة عظيمة.

بل أجزم أنها امرأة نادرة، استطاعت أن تمنحك السعادة، وتكون لك حياتك في حياتك، بل أجزم أنها امرأة ليست على شاكلة النساء في زماننا الحاضر، ممن تردد صباح مساء، في هوس وغباء: ليس من حقي خدمة الزوج و إرضاع الأبناء، وإعداد الطعام.

لقد جاءت دموعك يا خالد، لترثي ذلك الحب الذي فقدته البيوت، والمودة التي فقدتها ظلال الزوجية، وأمام ما يتردد على أسماعنا من هرف وهراء.

كان عهدنا دوما بالأزواج إذا فقد أحدهما صاحبه، أن تبكي الزوجة، وتصرخ وتصيح، وربما أحيانا تلطم الخدود وتشق الجيوب.

لكن أن يبكي الرجل إلى هذا الحد، فهو نادر جدًا، ولكنه لا يبعث على كون هذا الرجل عاطفيا، بقدر ما يشير إلى أن هذه المرأة كانت عظيمة.

لماذا لا تسأل كل امرأة نفسها:

هل يا ترى لو ماتت أيمكن لزوجها أن يبكي عليها بمثل هذا البكاء؟ أو يرثيها بمثل هذه الدموع، أو يشيعها بمثل الحرقة؟

إن الرجل يسير بين الناس وفي مشهد زوجته، لا يكاد يقيم صلبه، ويوشك أن يقع على الأرض من ثقل الهم والحزن، يتلقاه الناس بالتعازي والمواساة، وهو ذاهل تائه شارد، أصاب عينه سواد الفقد والرحيل.

اشتهر هذا العالم الذي ينتمي إليه خالد، ومن واقع الفنانين وطبيعة حياتهم، بأنه عالم لا يقيم اعتبارا للحياة الزوجية في أغلبه، فترى الفنانة تزوجت بأكثر من فنان،

وترى الفنان طلق أكثر من فنانة وارتبط بأخرى، لكن أن تكون هناك زوجة ورفيقة كل هذا العمر، ثم يكون مع رحيلها مثل هذا البكاء الحارق ، فهذا نادر جدا.

اكثر من 48 عامًا، جمعت بين الفنان خالد زكي، وزوجته الراحلة أم أولاده السيدة «زيزي»،

إذ كانت رحلة طويلة من عفوية الشباب، وشيب العجز، ورعاية الأبناء، شاهدا نجاحهما وعاصرا تعثراتهما،

وبقي ارتباطهما مستمرا، بعيدا عن أضواء الصحافة وعيون الإعلام، ولم يفرقهما سوى الموت.

دموع خالد زكي على زوجته

يقول خالد زكي: عمري ما خليتها تدمع

وذكر: أنه طيلة زواجه لم يفعل أي أمر قد يجعل زوجته وأم أولاده تبكي.

 «مش بضعف قدام دموعها لأني عمري ما أخليها تدمع، لكن لو السبب من حد تاني أكيد ممكن أبكي على دموعها».

ثم يقول: ودوني لمراتي، مش ح أقدر أعيش من غيرها.

إن دموع خالد وكلماته قد ضربت بقوة، ما تسعى إليه جمعيات خراب البيوت، من تدمير بنية الأسرة المصرية، والقضاء على معاني الحب والمودة بين الشريكين.

دموع خالد أفزعتهم كثيرا، لأنها بددت كل جهودهم وجهادهم، في إفساد البيت المصري،

وإلهاب العلاقة بين الرجل والمرأة، لينهار المجتمع، وتتفسخ فيه أواصر القربى والمحبة.

دموع خالد زلزلت أحلامهم،

في خلق امرأة متمردة ورجل متنمر، يسعى كل منهما لخلق مجتمع متوتر، وبيئة مشتعلة، لا ينبت فيها خير ونور.

دموع خالد فرصة ذهبية، لا يجب أن نفوتها، في حربنا على هذه الشياطين، ووأد كل ما يسيل به لعابهم من أفكار شاذة نابية.

لماذا لا تتجه جمعيات خراب البيوت للحديث عن دموع خالد، وتحليل مبعثها، وكيف حدثت، وكيف ظهرت،

ولماذا كانت؟ بدلا من إزعاجنا ليل نهار بعواء لا نجني منه غير الدمار والبوار.؟

وإلى المرأة نقول:

هل لو كانت الراحلة زيزي ممن يقلن:

من حق المرأة أن لا ترضع أولادها.

ومن حق المرأة أن لا تعد الطعام

ومن حق المرأة أن لا تنظف البيت.

هل كان يمكن لها أن تخلف وراءها، مثل هذه الدموع التي شاهدها العالم وتحاكى بوفائها، كما اكتوى مرارتها؟

وأنتم يا من تتغنون بحقوق المرأة، ألم تضعكم دموع خالد في حرج شديد، حينما نسفت كل ما تدعون له من أحلام المفسدين.

رجاء.. أوقفوا هذا العبث.