د. ياسر عبد التواب

من كمال الهلكة أن يقنع المجرم نفسه بأنه بريء شريف، وأنه يؤدي دورا في نهضة المجتمع، 

وهو في الحقيقة أداة هدم وإجرام ومعول ظلم وتبرير يستخدم ليستمر الأكابر في حلب المجتمعات وتطويعها.

هذا بالضبط حال أولئك المتسلقين الذي اكتملت بهم حلقة التآمر بين سلطة غاشمة ورجال أعمال فسدة وقضاء مسيس، 

ضلوا وأضلوا وشوهوا وغيروا وبدلوا وسبوا ونافقوا وبرروا وكذبوا، ولم يتحرك لهم ضمير أو يطرف لهم جفن.

كانوا أداة إفساد وتضليل وتبرير للظلمة لكل ما قاموا له من جرائم تعمدوا إخفاءها وتشويه الأبرياء ورميهم بما ليس فيهم، 

وكتموا وكبتوا كل صوت شريف يريد ان يوصل الحقائق وبرروا ما لا يمكن تبريره من جرائم صد الإنسانية ومجازر وهدم بيوت وقتل أطفال ونساء واعتداء على بنات، 

بل وبيع خيرات البلاد ومواردها والترويج لكل ضار بها.

ثم كشاعر متسول ينتظر عطايا السادة على مدحة، أو يعرض بهم ذما ولمزا وتصريحا وتشبيبا وقفوا يلهثون فراعهم طرد السادة لهم من حضرتهم وتهديدهم بمزيد من العقاب إن عادوا للتسول!

هذه الحالة الدعائية المريضة الفريدة -التي تستحق الدراسة- لدى تلك الشخصيات

التي تهذي كل يوم وليلة أمام الكاميرات يدعيها البعض إعلاما وشرفا،

بينما في حقيقتها -سواء كانت من باب الحرفة أو من باب الأخلاق- هي جرائم مكتملة قاموا بها عن عزم وترصد.

الآن تقلم أظفارهم وتشد آذانهم، فلا يصدقون أنهم يفعل بهم هذا وقد افاضوا في التشويه والترويج والنفاق، جزاؤهم المعتاد كغيرهم عبر التاريخ حين وثقوا في الجهات الخاطئة الكاذبة.

نفس الدرس

نفس الدرس الذي لا يستوعبه أعوان الظلمة الحمقى والضللة في كل مكان وزمان، وننتظر لهم مزيدا من التدهور والإهانة، 

ونتوقع منهم مزيدا من الاستجابة والخنوع؛ على طريقة جوع كلبك يتبعك أو اضرب المربوط بخاف السايب.

انظر الى المأتم الذي يقيمونه ندبا على إبراهيم عيسى لأنه نحي كما نحي غيره من المتعاونين السابقين، حيث حان الوقت ليقف كل عند حده المرسوم فلا يتجاوزه.

شيء يشبه فخر ابن ممثل مغمور بأن أباه بطل الفيلم لمجرد ظهوره للحظات، حين ظن البعض منهم أنهم يؤدون دور البطولة حقا، 

فأرغمهم المخرج على الصمت وطرد المايسترو من الكورال واحدا نشازا عن اللحن؛

 فغضب من الفريق بعضهم ظنا بأنهم أبطال يستحقون الأفضل على “الأداء البطولي”..

فعاد اليهم قرص الأذن وربما يتلوه ضرب رقاب، فهم لم يستوعبوا الدرس الذي وعاه الشرفاء من البداية وإلى الآن.

وفي عز الموقف وشدته ادلهم بهم الخطب فقط من أجل تصور أنفسهم مكان زميلهم المطرود وقد انقطع رزقه مسكين، 

وكما يقول أحدهم أن كل زملائي يقعدون الآن في بيوتهم، وهو طبعا يخشى هذا المصير الهادئ اللطيف ويرغب في استمرار الابتزاز والتلاعب والكنز.

وهم بذلك يستمرون في استفزاز المخرج او المايسترو، باعتبارهم كلهم وجوه لعملة واحدة ونفايات تخرج من نفس الصندوق، 

سرعان ما يستبدلهم بوجوه أكثر طوعا واقل كلفة وقد استوعبت الدرس فرضيت بالأخس

هذا الفيديو -بالأسفل- مهم في توصيف حالتهم والتعرف على “سبوبة” الشغل الذي بنظرهم يستحق التكريم أو التهديد بأن يغادروا البلد،

فلا شرف ولا دور، ولا تحركهم -باعترافهم- إلا أموال اقترفوها وتجارة،

يخشون كسادها ومساكن يرضونها، فهي أحب إليهم من الحق ومن الصدق، ومن الله ورسوله.