د. ياسر عبد التواب

كثير من الدول مخترقة لحد لا يوصف من أعلى الهرم بشكل يجعل كل أسرارها وتحركات قياداتها وخططهم مكشوفة مرصودة بل ومتحكم فيها

وهذا ثابت بوقائع وأحداث وكتب ومذكرات ومشاهدات

خذ مثلا ما نقله الدكتور النفيسي المفكر والأكاديمي السياسي عن الباحث جوردن توماس الصهيوني الأمريكي في كتابه جواسيس جدعون عن تأريخ الموساد

ومدى فعاليتها في العالم العربي:

انتصرنا على العرب ليس بقوتنا بل بالثغرات في الصف العربي

 وقال إن هناك دورات تدريب مشتركة بين المخابرات العربية والموساد في مقرات الموساد!

وان الموساد يعطى إفادات بتحركات الملوك والرؤساء ويتحكم في الوفود المرافقة وبرامج الزيارات وما يطرح فيه!

أإلى هذا الحد؟!

ويقول النفيسي ما مفاده:

هذا كلام خطير جدا وهذا التخادم وهذا التداخل بين النظام العربي الرسمي والصهاينة قديم ويعني هناك نظام امني واحد بين الأنظمة والكيان الصهيوني وان القيادات والمناهج واحدة !

وذكر عن ملك عربي انه كان يقابل سرا في لندن رجال الموس اد لينقل لهم كافة ما يعرفه عن الواقع العربي)

ليس بعيدا هذا التواطؤ عن إسقاط مرسي ولا تسليط الدول والجماعات وحتى أجهزته السيادية عليه

قل مثل هذا في كل دول الثورات المعاصرة وحتى الحركات الاستقلالية بعد إسقاط الخلافة التي يتحكم فيها مبعوثي الأمم المتحدة على سبيل المثال الذين هم في حقيقة الأمر يهدمون ويفرضون رؤاهم وإرادة من وراءهم

 بل وإسقاط الخلافة نفسها تم بنفس الطريق (الاختراق – الثغرات – الخيانة – التواطؤ – كشف الأسرار – الطعن في الظهر – إبعاد المخلصين وتشويههم – السقوط)

كل ذلك عبر آلية تعتمد على الاختراق لشخصيات مؤثرة ومحورية.

للصهاينة مشروع يكافحون من أجله

ومعناه بالتالي أن هؤلاء سيعرقلون أو سيمنعون كل سبل للحل السلمي أو التغيير السياسي والهادئ ومن خلال معارك الوعي والاستقلال لأن القيادة متحكم فيها

 وسيسدون كل ثغرات للوعي وللحلول الهادئة

وبالتالي تضيع الخطط وتكشف الأسرار وتبرز الثغرات وتطعن الشعوب من ظهورها

وليس صحيحا أن الصهاينة -على سبيل المثال- الذين يخترقون كثير من بلداننا أقوى منا علميا ولا ماليا لنصدق دعاوى الاستسلام والخنوع وادعاء الواقعية

وإنما هم لديهم مشروع يكافحون من أجله ويجندون ويخترقون ويستغلون الثغرات ويضغطون ويلعبون بحرفية بما لديهم من أوراق وحكامنا ليس لديهم أي خطط ولا مشروع ولا إرادة!

بدليل أن بعض المقاومة يدخلهم الخنادق ويهرب على إثره بعضهم إلى بلدانهم الأصلية

فكيف لو اشتدت مقاومتهم إذن لانتهى أمرهم ولخفت شانهم لو كانت لدينا الإرادة ولدى حكامنا الشجاعة والإخلاص

وينطبق هذا الاختراق على دول بعيدة وكثيرة من خلال الصفوف الخلفية والجماعات السرية التابعة في الأغلب لعبدة شيطان أو للحركات المشابهة وبالتالي تسقط تلك الشعوب فريسة لتلك الجماعات الشريرة التي توهمها بأنها صاحبة اختيار حر

مثال ذلك من الذي يفرض على الناس في أمريكا الاختيار بين رئيسين تعيسين عجوزين خرفين؟

كيف تحصر الاختيارات بين هذين ولم؟

قل مثل هذا في فرنسا حين ينحصر الاختيار بين لوبان المتطرفة وماكرون الرقيع الفاشل

من يتحكم في هذا الحصر ومن بفرضه؟!

وهذان مثلان يمكن القياس عليهما حال البقية

وليس هذا إغراقا في نظرية المؤامرة بل الوقائع المختلفة تؤيده لو تأملنا أحداثا جسام عبر التاريخ المعاصر.

ما الحل

الحل يكمن في إجابة سؤال كيف يمكن تغيير تلك القيادات بأقل الخسائر لنغلق بئر التلوث أو الخيانة؟ كيف نصطاد الجرذان ونتخلص من الذئاب؟

وبعدها تؤتي معارك الوعي والتنمية والعلم ثمارها حين تتهيأ البيئة النظيفة المواتية

 وإلا ستظل القربة مثقوبة يتسرب منها كل ما يوضع فيها وسيظل الكلام عن الوعي وزيادته مخدرات أخرى تتناولها النخب التي تجلس في أبراجها دون سعي

تلك اشكالياتنا وذاك حلها وهو عصي على التنفيذ ولكنه ليس مستحيلا وما لا يدرك كله لا يترك جله

وما يحقق قدرا من الإرادة والقوة والاستقلال والتقدم يجب ألا يستهان به

حتما ثمة حلول يفتح الله بها